لا تزال قطر تحاول الهروب إلى الأمام من خلال المماطة السياسية للإفلات من الكوارث المحدقة بها إزاء قرارها الذي اتخذته منذ فترة بمعاداة البيت الخليجي والعربي، وذلك عبر المماطلة الدبلوماسية وإرسال رسائل مبعثرة توحي برغبتها في الحل السياسي للأزمة والإذعان لطلبات البيت العربي الخليجي. ويعتبر الكاتب والمحلل السياسي فادي عاكوم أن «الغمز من قنوات الحوار مع المملكة العربية السعودية أوقح رد منها على البنود ال13 الصادرة عن الدول الأربع كشرط لتهدئة الأزمة، فهذه الدويلة لا تزال سائرة في مخططها ولم تتراجع خطوة واحدة إلى الوراء. ويشدد عاكوم في تصريح ل(اليوم) على أن «تضييع قطر للوقت ربما قد لا يكون دقيقًا، فالسياسة القطرية الحالية المرسومة بين أنقرة وطهران لا يمكن اعتبارها تضييعًا للوقت، بل محاولات لكسب الوقت لإنجاز ملفات كثيرة لاستكمال دعائم الحلف الثلاثي الراهن، أي تركياإيرانقطر، فيوجد الملف الاقتصادي القطري الداخلي الذي يحتاج إلى التدعيم والإنقاذ، بسبب ما ألمّ به من ضربات موجعة بعد «النبذ» الخليجي والعربي لسياسات قطر، كما أن الملف الاقتصادي هذا يشتمل على اتفاقيات بملفات البترول والغاز مع كلا الحليفين، حيث سيصدر قريبًا جدًّا تعديلات لتوزيع حصص الغاز المستخرج من المنطقة الحدودية الواقعة بين قطروإيران، بالإضافة إلى تغيير خارطة التوزيع والتسليم، حيث سيكون لتركيا هي الأخرى حصة من هذا التوزيع الجديد، مع التذكير بأن قطر كانت قد دعمت إيران سرًّا وبمخالفة للإرادة الدولية خلال الحصار المالي المفروض عليها في السنوات الماضية من خلال استخراج الغاز من الآبار البحرية الإيرانية على أنه غاز قطري وبيعه في الأسواق لصالح نظام الملالي». ويرى المحلل السياسي أن «قطر تراهن على العديد من الملفات الأخرى، منها الملف السوري، حيث تحاول الإبقاء على بعض الجماعات التابعة لها في الشمال السوري؛ لتكون بمثابة أوراق ضغط إضافية إقليميًّا، إلا أن مجريات الأمور في تلك المنطقة لا تسير وفق المخطط القطري التركي، وتشهد المناطق الخاضعة لنفوذ المجموعات الإرهابية المدعومة من قطر المزيد من الانحسار، حيث بدأت العديد من المجموعات الإرهابية في التقلص، مع تصاعد اللهجة الدولية بضرورة ضرب هذه المجموعات والتخلص منها ضمن إطار الحرب التي يشنّها التحالف الدولي ضد الإرهاب في سوريا والعراق». ويوضح عاكوم: «تراهن قطر على زعزعة الأوضاع في الدول الأربع من خلال زعزعة الأمن، ففي مصر لا تزال الجماعات الإرهابية المدعومة من الدوحة وغيرها تمارس نشاطها الإجرامي، بالإضافة إلى العديد من الأعمال الداخلية الهادفة لضرب الاقتصاد المصري، إلا أن المواجهة الداخلية أثبتت فعاليتها، والمواجهات مع الإرهابيين رغم أنها مستمرة والعمليات الإرهابية لم تنقطع، إلا أن المناطق التي يتحصن بها الإرهابيون باتت معلومة ومحددة، والتخلص من جميع الأوكار بات مسألة وقت لا أكثر، مع الإشارة إلى أن التحقيقات والأيام المقبلة ستكشف دون شك عن الدور القطري الخفي في دعم العمليات الإرهابية التي يتم إحباطها في المملكة العربية السعودية، خصوصًا عمليات التجنيد والتمويل وتقديم الدعم اللوجستي للإرهابيين، رغم أن هذه المجموعات تتصرف على الأرض طبقا لقواعد عمل الذئاب المنفردة، خصوصًا العملية الأخيرة التي تم إحباطها في الرياض والتي كانت تستهدف مقرات لوزارة الدفاع السعودية والتي ثبت تورط يمنيين فيها». ويشير عاكوم إلى أن «من الأوراق التي تحاول قطر الاستفادة منها أيضا، تحالفاتها الدولية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وبعض الدول الغربية وعلى رأسها بريطانيا، والأمر هذا لا يعود من مركز قطر السياسي القوي، بل من المركز المالي، إذ مع كل تحرّك للضغوط عليها تلوّح قطر بالمحافظ المالية الموزعة في هذه الدول، إلا أن الأمور قد تصل عاجلًا أم آجلًا إلى نقطة اللا عودة وتصبح هذه الأموال مجمّدة على غرار الأموال الإيرانية التي جمّدت لسنوات طويلة بسبب اتهام إيران بدعم المنظمات الإرهابية والقيام بنشاطات غير مشروعة بالملف النووي، علمًا بأن التقارب الإيرانيالقطري قد يعجّل باتخاذ هذه الخطوة إذا ما تم تأكيد الدلائل على دعم قطرلإيران في هذا الإطار، بالإضافة إلى تورّط قطر كذلك بملفات نقل الأسلحة والمعدات العسكرية إلى ليبيا والعراق وسوريا بما يتنافى مع القوانين الدولية، حيث وصلت هذه الأسلحة إلى منظمات إرهابية، وساهمت في إغراق هذه الدول ببحور من الدماء طيلة السنوات الماضية».