قطر ولتؤمن لنفسها موقعاً يسمح لها بالتدخل او التأثير على القرارات السياسية، دأبت منذ سنوات على زرع بذور الفتن في منطقة الشرق الاوسط، بل أبعد من ذلك زرعت بذور الفتن حول العالم، وكانت ولا تزال كمَنْ ينشر فيروساً ساماً ليعود ويوزع الترياق ليظهر بمظهر المنقذ، الذي لا يمكن الاستغناء عنه. مشوار قطر لزرع الفتن بدأ مع دعم الجماعات الإسلامية المنتشرة حول العالم، خصوصا في الدول الاوروبية، وذلك تحت مسمى الجمعيات الاسلامية، التي تبين توجه العديد من شبابها المسلمين الاوروبيين المولد وهم من الجيل الثاني او الثالث للاجئين الى مناطق الصراع، خصوصا في سوريا والتحاقهم بالجماعات الارهابية المدعومة بشكل مباشر من قبل هذه الدويلة الارهابية، بحسب الصحافي والكاتب اللبناني فادي وليد عاكوم. ويكشف هذا التقرير أذرع قطر التي امتدت نحو العالم العربي خراباً ودماراً. حرب تموز.. دور «الجزيرة» ويشدد عاكوم في تصريح خاص ل«اليوم» على أنه «اذا ما عمدنا الى اجراء كشف حساب لارهاب قطر، فالقائمة تطول، ففي لبنان شهد التدخل القطري ازدواجية واضحة، فمن ناحية دعمت قطر وبشكل مباشر الحرب المزعومة التي شنها حزب الله اللبناني ضد اسرائيل، والتي اسفرت فاتورتها عن ضحايا بالعشرات من اللبنانيين وملايين الدولارات، التي خسرها لبنان جراء تخريب البنية التحتية والمصانع والقرى والبلدات والمدن، حيث قامت قطر وحسب معلومات مؤكدة ودقيقة من داخل الحزب بتحويل اموال طائلة للحزب مكنته من دفع الاموال لشراء مقاتلين وتجهيزهم مع صفقات اسلحة وصلت لبنان جوا عبر طائرات لشركات ايرانية، التي تكلفتها مدفوعة من امارة الارهاب، فرأينا بعدها قطر تدخل وكأنها المنقذ للشعب اللبناني، ثم قامت بشكل مباشر بدفع تعويضات واعادة بناء مناطق الجنوب اللبناني التي تعتبر معاقل اساسية لحزب الله، ولا ننسى دور قناة الجزيرة الذي صور الحرب وكأنها حرب إلهية ورفع عناصر حزب الله الى اعلى الدرجات». وفي لبنان أيضاً.. حرب نهر البارد ويقول عاكوم: «لم تكتف قطر بتلاعبها مع شيعة لبنان، بل توجهت الى الطائفة السنية، والامثلة كثيرة، ومن بينها الحرب الدامية التي جرت في نهر البارد، حيث وبقدرة قادر خرج المدعو الارهابي شاكر العبسي من سجن صيدنايا السوري، الذي كان قد دخله بعد اعتقاله المزعوم من قبل المخابرات السورية، بعد قتله للدبلوماسي الامريكي لورنس فولي في عمان الاردنية، وبخروجه من السجن السوري دخل الى لبنان وأسس جماعته الارهابية المسماة «فتح الاسلام» بدعم مباشر وصريح من قطر وجر لبنان والجيش اللبناني في العام 2007 الى حرب دامية في مخيم نهر البارد شمال لبنان، ولقي العبسي وقتها الدعم الاعلامي ايضا من قناة الجزيرة بوصفه «المجاهد البطل» المدافع عن الاسلام من الظلم اللاحق به من الجيش اللبناني». دعم الجماعات الإرهابية.. في سوريا ويضيف الصحافي والكاتب اللبناني فادي عاكوم: «اما في سوريا فحدث ولا حرج، ولا داعي بإعادة التذكير بما اقترفته قطر منذ العام 2011، فقد بدأت هذه الدويلة بدعم جماعاتها الارهابية المنبثقة اما من رحم جماعة الاخوان المسلمين، او من رحم تنظيم القاعدة، وكانت النتيجة تشرد ملايين السوريين دون فائدة، علما بأن هذه الجماعات وبالدعم الذي وصلهم، لو ارادوا اسقاط النظام لاسقطوه منذ الاشهر الاولى، الا ان الامر كان واضحاً فالهدف كان من الاساس ايجاد موطئ قدم للقطريين في تقسيمة الشرق الاوسط الحديثة وتقديم نفسها بأنها قادرة على دعم الشعب السوري او إيجاد الحلول السياسية وصولاً الى اطلاق سراح المخطوفين، حيث جرت تمثيليات عديدة تمثلت بخطف أجانب وعرب، من جانب مجموعات مدعومة من قطر ومنها جبهة النصرة على وجه الخصوص، حيث كان يتم الخطف ليتدخل الوسيط القطري لاطلاق سراحه مقابل اموال متدفقة كانت تصل للارهابيين على صورة الفدية، وتكون قطر بذلك امنت لنفسها موقعا سياسيا، ومن ناحية اخرى امنت التمويل اللازم لعصاباتها». تواطؤ لحساب الحرس الثوري ويؤكد أن «المهازل القطرية في سوريا مستمرة والتي وصلت الى حد التخلي النهائي عن مناطق كثيرة ليتم تسليمها الى الحرس الثوري الايراني وحزب الله اللبناني حيث تم تشكيل مناطق حامية من الطائفة الشيعية، خصوصا في حلب وريف دمشق، وذلك تحت ستارة المصالحات والهدنة، علما بأن الادلة كثيرة على حقيقة الدعم القطري غير المحدود للعديد من المنظمات والفصائل المسلحة السورية، التي ينتهج معظمها المنهج التكفيري ويصل بعضها الى درجة المنظمة الارهابية، اذ ومنذ بدء الاحداث بسوريا في العام 2011 بدأت قطر بتمويل العديد من الجماعات المسلحة وبشكل علني، حيث يعلم الجميع على سبيل المثال ان المجموعات التابعة للاخوان المسلمين واحرار الشام وبعض فصائل جبهة النصرة كانت تتلقى التمويل المباشر من شخصيات قطرية». تمويل مستمر ويتابع: «هذا التمويل لا يزال مستمراً من خلال المنظمات الاغاثية المنتشرة في غالب المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، ويدير هذه المنظمات فعليا امراء التنظيمات المسلحة الممولة من قطر وغالبيتهم من التيارات السلفية المتشددة والاخوان المسلمين، ومن هذه التنظيمات التي باتت تتحكم بكل مفاصل الحياة اليومية في سوريا جمعية مدد اهل الشام، التي كانت تتحرك بشكل علني في سوريا وتدعم المسلحين وتقدم لهم الاسلحة والدعم اللوجستي، الا انها وبعد العام 2015 وانكشاف امرها على نحو واسع اتخذت اسماء عدة، وهي الائتلاف السوري وكل الاقسام المتفرعة منه، و«هيئة الإغاثة الإنسانية IYD»، ومؤسسة رحمة الإغاثية، و«منظمة الرحمة بلا حدود»، ومؤسسة «عطاء للاغاثة والتنمية»، بالاضافة الى هيئة الشام الاسلامية، التي يديرها امراء تنظيم حركة احرار الشام، ومؤسسة شام شريف والرابطة الطبية للمغتربين السوريين، والهلال الأحمر القطري - بعثة تركيا، ومؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، وشبكة اغاثة سوريا، وجمعية بشائر الخير لإغاثة السوريين، و«مؤسسة لانك انسان للدعم النفسي الاجتماعي»، جمعية همة، ومؤسسة رقيم ومنتدى الشباب، ومؤسسة المعرفة للتنمية والتعليم، واتحاد منظمات المجتمع المدني السوري، كما ان الكثير من هذه المؤسسات والجمعيات تنشط في لبنان ايضا، بالاضافة الى نشاطها في سوريا وغالبا ما تتستر احيانا تحت غطاء اتحاد الجمعيات الاغاثية. مسيرة دعم الإرهاب في مصر ويلفت عاكوم إلى أن «في مصر كان للمال والاعلام القطري دور بكل ما مرت به تلك البلاد منذ العام 2011 وحتى الان، وكادت تصل الى مبتغاها مع ايصال محمد مرسي الى سدة الرئاسة وتمكين جماعة الاخوان المسلمين الارهابية من مفاصل الدولة، لكن تدخل الجيش المصري في الوقت المناسب انقذ مصر والمصريين والمنطقة من مصير مجهول قاتم كانت ستقع في حبائله السوداء»، مشدداً على ان «المخططات القطرية لم تتوقف اذ استكمل المخطط وكما يبدو بمخطط رديف، فتم دعم الجماعات الارهابية في سيناء، التي اعلنت بيعتها لتنظيم داعش الارهابي، الا ان الضربة الموجعة كانت بتحرير جبل الحلال من قبل الجيش المصري، الذي كشف عن تورط قطري مباشر بالادلة والمستندات، بالاضافة الى الكشف عن وجود ضباط قطريين يديرون العمليات بشكل شخصي، الى ان بدأت هذه الجماعات تتحرك في المحافظات الاخرى تحت مسميات جديدة كحركة حسم وغيرها، التي اثبتت التحريات والاستجوابات والمحاكمات تلقي هؤلاء العناصر المقبوض عليهم الدعم من قطر وبشكل مباشر ووافر، مع الاشارة الى ان تغيير التسمية واعتماد تسمية حركة سواعد مصر او حسم يعود الى التضليل بالدرجة الاولى، بالاضافة لى الايحاء بأن العديد من المنظمات الارهابية موجودة على الساحة المصرية، كما ان العديد من العناصر المتطرفة قد لا تتوافق افكارها وعقيدتها مع افكار وعقيدة تنظيم داعش مصر، وبالتالي فإن استقطابهم يتم على اساس ان الحركة لا تتبنى افكار التنظيم الارهابي، بل هي حركة اخرى مستقلة، علما بأن الاذرع الاعلامية القطرية كمنصة رصد والجزيرة مباشر كانت ترافق وتواكب عمليات هذه الحركة للترويج لها بأنها المنقذ للشعب المصري، وتدأب قطر على تقديم نفسها بأنها منقذ الشعب المصري مما تسميه انقلابا اطاح بمحمد مرسي، مستغلة القاعدة الشعبية التي امنتها لها جماعة الاخوان المسلمين. غضب وعزلة ويختم حديثه بالقول: «باختصار المنطقة قادمة على المزيد من التوتر والمزيد من العزلة لقطر، والمزيد من الانتشار الايراني، وسيترافق كل هذا مع المزيد من التهديد الارهابي في المنطقة خصوصا والعالم ككل، وذلك على عكس التوجه الاقليمي والدولي الداعي لوقف المد الارهابي ووقف سبل دعمه وتجفيف منابع تمويله، مع الاشارة الى انه اذا ما تم وضع الامور في ميزان الربح والخسارة بالنسبة لقطر، فالكفة ستميل باتجاه الربح السياسي والمادي، خصوصا اذا ما اخذنا بالاعتبار المشروع القطري التركي السوري بمرور الغاز القطري الى اوروبا والفوائد المالية والسياسية المترتبة على هذا الامر. وبعد كل هذه المعطيات والمبنية على وقائع ملموسة لا بد من التأكيد على ان انهاء هذا يجب ان يكون بالقضاء على رأس النظام القطري واستبداله لتجنيب الشعوب الخليجية ويلات هم بغنى عنها حاليا او مستقبلا، فأينما وجدت ايران وجد الخراب والدمار وربما سورياولبنان والعراق اكبر دليل».