يستطيع أي معادٍ للمملكة، وأي مغرض أن يفتئت أو يفتري عليها بما يشاء، وقد يجد من يُصدّقه، شأن المملكة في ذلك شأن بقية الدول التي قد تتعرض لذات الاستهداف، غير أن اختيار الحج وخدمات الحج التي تقدمها المملكة لضيوف الرحمن كمنصة لهذا الاستهداف سيكون بالتأكيد أغبى وأحمق خيار على الإطلاق، هذا ليس رأينا في دار اليوم، ولا رأينا كسعوديين وحسب، وإنما هو رأي العالم بأسره الذي يشهد على مدى أشهر الحج بالصوت والصورة ماذا تقدم هذه البلاد للحجاج والزوار والمعتمرين، وكيف تدير هذه الشعيرة الدينية التي يحتشد فيها الملايين على صعيد لا يتجاوز بضعة كيلومترات مربعة، وبكفاءة يندر لا بل يستحيل أن يتوافر لها أي مثيل في أي مكان آخر من العالم. لقد تجاوزت المملكة منذ زمن بعيد مسألة النقاشات في أمور الحج، بعد أن رأى العالم أجمع كيف يتسابق ملوكها قبل مواطنيها على خدمة الحجيج، وكيف تُسخّر القيادة تلو القيادة التوسعات المستمرة والمتلاحقة للمشاعر، وكيف تقتطع بمنتهى الرضا والأريحية وبلا أي منّة حصة ضخمة من موازناتها السنوية للإنفاق على مشاريع التوسعة، وعلى تطوير خدمات الحج، وعلى بحوث تطوير الخدمات، وتحويل هذا المنسك إلى رحلة إيمانية غامرة بالهدوء والأمن والسكينة، ليتفرغ الحجاج لعبادتهم في جو تتمازج فيه قلوب المؤمنين بمشاعر الوحدة كأحد مقاصد الحج، رغم اختلاف ألسنتهم وألوانهم وجنسياتهم، ورغم اختلاف ثقافاتهم. لذلك، حينما تبدأ حكومة الدوحة المزايدة في شأن الحج، وتطلق لأحقادها العنان، وهي التي طالما أشادت رغم أنفها بجهود المملكة الاستثنائية في هذا المقام، فإنما هي بذلك تعلن عن حماقة لا طبّ لها ولا طبيب، مثلما تفضح ذاتها بأنها أفلستْ من أدوات الانتقاص للمملكة في خصومتها معها، وهي تحلم في تأليب المسلمين ضدها، دون أن تعي أنها اختارتْ المنصة الخطأ التي ستفنّدها شهادة الملايين ممن حج أو اعتمر، ورأى بأم عينيه ما تقدمه المملكة حكومة وشعبًا لضيوف الرحمن، وليس أسوأ من أن تردّ الحجة على هذا الادعاء الباطل من قبل ملايين المسلمين، الأمر الذي يبدو أنه أفقدهم صوابهم ليعمدوا بمنتهى الصفاقة لوضع العراقيل في وجوه مواطنيهم من أداء فريضة الحج، خاصة بعد الضربة القاصمة التي وجهها زعيم الأمة سلمان بن عبدالعزيز باستضافة حجاج قطر على نفقته يحفظه الله.