أسهم برنامج بيع العقارات على الخارطة، الذي طبقته المملكة في القطاع العقاري قبل ثلاثة أعوام، في إحداث تغيير جذري في أداء القطاع، وزيادة مبيعاته ورفع جودة منتجاته، فضلا عن دوره في زيادة تنامي وتيرة المشاريع العقارية وتنوع منتجاتها، وإنعاش وتحسين أداء المكاتب الهندسية الاستشارية. برنامج البيع على الخارطة الذي أطلقته وتبنته بداية وزارة التجارة والصناعة، قبل أن تنتقل مهمة الإشراف عليه إلى وزارة الإسكان، كان مدرجاً في قائمة المطالب والأنظمة العقارية الجديدة التي نادى بها العقاريون في وقت سابق، بهدف حل أزمة السكن والقضاء على عشوائية القطاع وترتيب أوراقه وتحديد أولوياته. وأرجع مختصون في الشأن العقاري، نجاح البرنامج إلى قدرته على تأسيس آليات جديدة لرفع جودة المنتجات العقارية وخفض تكاليفها وبالتالي رفع قدرة المواطنين على شراء العقارات، حيث يخفض البيع على الخارطة أسعار المنتجات العقارية بنسبة تصل إلى 30%، مؤكدين أن البرنامج سيعزز القدرة المالية لشركات التطوير العقاري باعتباره نوعاً هاماً من أنواع التمويل، يضاف إلى ذلك أنه بمثابة وعاء استثماري لمواطنين اشتروا عقارات على الخارطة، وتم بيعها بأسعار أعلى عند استكمال بنائها، فضلا عن مساهمته في تعزيز الناتج المحلي للقطاع العقاري. ودعا المختصون أنفسهم إلى دعم برنامج بيع العقارات على الخارطة، وتشجيع المواطنين الراغبين في شراء العقارات بصفة عامة والوحدات السكنية بصفة خاصة، وتشجيعهم على الإقبال المكثف عليه واستثمار مميزاته في توفير مساكن عالية الجودة متناولة الأسعار وبدفعات شهرية، خصوصاً أن برنامج البيع على الخارطة يعتني بشدة بالمحافظة على حقوق المشترين والبائعين بطرق ووسائل قانونية واضحة وسهلة وفاعلة تضمن للعملاء سلامة أموالهم وتوجيهها إلى مسارها الصحيح. ويشير مصطلح «البيع على الخارطة» إلى بيع الوحدات العقارية على المواطنين، قبل الشروع في بنائها أو قبل إتمام بنائها بفترة، ولكن في الوقت نفسه يستطيع العميل الاطلاع على «رسومات» للعقار، ومعرفة جميع خصائصه ومواصفاته الفنية والتصميم الهندسي المتوقع له، ومن ثم يمكنه الحصول على العقار المناسب له. ويرخص البرنامج لبيع الوحدات العقارية على الخارطة مهما كان غرضها، وتسويق العقارات على الخارطة داخل وخارج المملكة، وعرض الوحدات العقارية على الخارطة في المعارض. سد الفجوة وأوضح المحلل الاقتصادي د. سالم باعجاجة أن «انتعاش القطاع العقاري في المملكة، له انعكاسات مباشرة على الناتج المحلي للمملكة». وقال باعجاجة: «كما هو معروف، فإن قطاع العقار يعتبر في مقدمة القطاعات المهمة ذات التأثير الاستراتيجي على اقتصاد المملكة، ويكفي التأكيد على ذلك بأن مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي في العام 2016 بلغت 128 مليار ريال، أي بنسبة 4.9% في الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يشكل نسبة 8.3% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي». وتابع: «برنامج البيع على الخارطة، ساهم منذ تطبيقه في السوق العقاري السعودي، في انعاش القطاع، ويكفي أنه تسبب في زيادة الإقبال على شراء المنتجات العقارية، وحجزها على الخارطة قبل أن يتم تشييدها، كما ساهم في ضخ المزيد من الأموال في شرايين شركات التطوير العقاري، الأمر الذي انعكس في زيادة المعروض من المنتجات العقارية في الأسواق، وسد الفجوة بين العرض والطلب في السوق». وأضاف باعجاجة: «تذكروا أنني ذكرت كلمة (ساهم)، إذ أن القطاع العقاري يحتاج إلى المزيد من الأنظمة والتشريعات الأخرى، التي تجعل منه قطاعاً نموذجيا على مستوى المنطقة والعالم، وما صنعه برنامج البيع على الخارطة من إيجابيات، لا يمكن أن يعالج جميع الإشكاليات التي يعاني منها القطاع حالياً». فوائد وإيجابيات وقال الرئيس التنفيذي للشركة الأولى لتطوير العقارات إبراهيم العلوان: إن برنامج البيع على الخارطة معتمد في غالبية دول العالم وأثبت جدواه في الأسواق العقارية لديهم، وهو يندرج ضمن أنظمة وتشريعات القطاع العقاري السعودي، التي لطالما نادى به المتعاملون مع السوق منذ عقود مضت، بهدف تعزيز القطاع وتطوير أدائه وتعزيز إمكاناته لزيادة المنتجات العقارية القادرة على حل أزمة السكن في البلاد، مؤكداً أن «البرنامج كانت له فوائد إيجابيات عدة، إذ عالج الكثير من الإشكاليات التي عانى منها القطاع، وفي مقدمتها التغلب على ظاهرة ارتفاع أسعار العقارات، بالحصول على منتج عقاري سوف يتم إنشاؤه في وقت لاحق، بسعر يقل عن نفس المنتج الجاهز للاستخدام، بنسبة قد تصل الى 30% من إجمالي السعر، وهذه الآلية هي محل قبول ورضا من العميل الباحث عن منتج عقاري جيد، بأقل سعر ممكن». وأضاف العلوان: إنه علاوة على تخفيض أسعار الشراء للمستهلك هناك ميزة أخرى وهي الدفع على مراحل تمثل عمر المشروع وتمتد لعدة سنوات، وهذه الميزه تساعد من أراد الاستثمار من المشترين في مشاريع بيع العقارات على الخارطة بان يجني أرباحا عند البيع، مبينا أن أكبر المشاكل التي كانت تواجه النظام هي عدم الموثوقية، ولكن مع التنظيم الجديد لوزارة الإسكان كضامن لأموال المشترين، أصبح نظام البيع على الخارطة مجديا للمشترين والمطورين وللاقتصاد الوطني، إضافة الى جانب مهم وهو خلق التنافسية بين المطورين من خلال المحافظة على الجودة وبالتالي التسويق لأنفسهم. المكاتب الهندسية ومن جهته، أقر مدير عام مكتب هندسي في الشرقية م. حسن الباشا، بفائدة قطاع المكاتب الهندسية من «برنامج البيع على الخارطة»، وقال: «يرتبط عمل المكاتب الهندسية بشكل مباشر مع شركات التطوير العقاري من نواح عدة منها التصميم والاشراف، وأعني بذلك أنه في حال انتعاش أداء الشركات، ينعكس هذا الانتعاش على أداء المكاتب مما يعني توظيف كوادر سعودية، والعكس صحيح، ومن أكبر المشكلات التي تؤثر على عمل شركات التطوير العقاري، تأمين التمويل المطلوب لتنفيذ المشاريع، وهذه العقبة كانت وما زالت موجودة، وأستطيع التأكيد على أن برنامج البيع على الخارطة، ساهم في حلحلة هذه العقبة بشكل جيد، بتأمين الأموال المطلوبة، لإنهاء المشاريع القائمة بالفعل على أرض الواقع من ناحية، والتخطيط لمشاريع مستقبلية جديدة من ناحية أخرى، وقد انعكس ذلك على أداء المكاتب الهندسية التي وجدت نفسها مطالبة بتصميم المشاريع الجديدة قبل تشييدها بفترة ليست بالقصيرة وبعقود طويلة الأجل».