من المعروف أن الإعلام هو ركيزة أساسية، وعمود فقري مهم للتنوير وتمليك المعلومة، ويعد التلفزيون أحد أشهر تلك الوسائل بالإضافة إلى الراديو، والصحف، ورقية أو إلكترونية، علاوة على السوشيال ميديا. وخلال الأعوام القليلة الماضية انتهجت إيران أذرعا إعلامية ظهرت في اليمن والعراقوسوريا، بجانب لبنان، وهو ما يسمى بالإعلام الحربي الذي أضحى سلاحا موازيا، سخرته طهران لتستخدمه المنظمات والميليشيات الطائفية العابرة للحدود؛ والتي يحركها الحرس الثوري في مناطق الصراع التي تقودها أو تشارك فيها دولة الملالي. ما سبق يعتبره قائد الحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، مصدر فخر واعتزاز، عندما يؤكد أن 200 ألف مقاتل مرتبطين ب«الحرس» يقاتلون في خمس دول في المنطقة. وبالرغم من كل فوائد وسائل الإعلام في طرحها ونشرها للحقائق، وعملها الرسالي الصحافي؛ لكننا نجدها طوعت من قبل طهران، لتحتوي على كم هائل من الأخبار الزائفة المفبركة، التي تستغل لخدمة أغراض إثنية أو جهوية أو طائفية. وبدأ إعلام إيران الحربي يتبلور في شكله الحالي مع انطلاق الدعاية الطائفية، ووجد نظام خامنئي ضالته وهدفه فيه، ليقود حربه التوسعية في المنطقة، كأداة موازية للسلاح فعمل الحرس الثوري على استغلاله؛ ونشر الاثنين معاً. وتحولت عبارة الاعلام الحربي إلى علامة مسجلة لميليشيات لبنان المسماة حزب الله، بوصول الثورة الإيرانية في 1979، ليستخدمها في توثيق عملياته العسكرية، تمهيدا لعرضها لاحقا بما يخدم توجهه العقائدي الطائفي. وعملت الميليشيات اللبنانية على استنساخ الإعلام الحربي الإيراني، الذي لم تألُ طهران جهدا في تصديره الى ساحات الصراع التي امتدت من لبنانوالعراق الى اليمن وسوريا. ولا يختلف اثنان في الهدف الحقيقي للإعلام الإيراني الموجه، الذي لم يقتصر حضوره على مواليه فقط، لينتقل في موازاته تسخير الجوانب البصرية والنفسية، والتركيز على الجانب العاطفي الذي لا يترك مجالا للتفكير في حقيقة المشهد العام. ومن لبنان، وجهت إيران ميليشيا حزب الله بعد انعقاد مؤتمر جنيف من أجل السلام في اليمن 2015، وتحديدا القيادي في الحزب والمدعو ناصر أخضر، بتسلم الملف الحوثي الإعلامي، وهو ما حدث، لتتحول بيروت إلى محطة تدريبية للحوثيين، وخضعوا فيها لدورات في الإعلام الحربي، ولاحقا أكد التحالف العربي رصده خبراء من الميليشيا اللبنانية يعملون بالإعلام الحربي في اليمن. ونجد أن المصطلح تكرر في العراق؛ الذي تخوض فيه الميليشيات الموالية لطهران تحت مسمى الحشد الشعبي، حروباً هدفها فرض سطوة النظام الصفوي على العراق من جنوبها وصولا إلى شمالها. وهو الحال ذاته في سورياالمحتلةإيرانيا، انتشار واسع لميليشيات أجنبية تحمل مسميات طائفية، تحركها إيران، وحرسها الثوري وخامنئي يبقى لها مرجعية وصاحب القرار الفصل. ويتبع الاعلام الحربي للميليشيا اللبنانية المسماة بحزب الله، المستترة لسنوات تحت ثوب وشعار المقاومة الذي سقط لاحقا وانكشف باجتياحها بيروت في 2008، وهي المرة الثانية التي تقتحم فيها قوة عسكرية العاصمة اللبنانية بعد الغزو الإسرائيلي 1982.