العناد يمكن تقسيمه موضوعيًّا إلى نوعين: عناد إيجابي، وهو تعبير عن التمسك بالحق، وقِيَم العدل، ومواجهة الباطل ومُقاوَمة الظلم. والنوع الثاني مِن العناد هو العناد السلبي، الذي يُقاوم الحق ويجحَد الحقائق، ويُصر صاحبه على التمادي في الإثم والغي والعدوان على مقتضيات العقل والحكمة والمنطق والموضوعية، مهما بلغت محاولات الإقناع أو الحوار، وكثيرًا ما يرفض الحلول والبدائل، حتى التقارُب والحلول الوسَط. وهذا ما ينطبق على الأزمة مع الشقيقة قطر. لكن بالمشاهدة والتجربة نستطيع أن نميز بين نوعَين يَندرجان تحت العناد السلبي: عناد عقْلي، وهو ناتج عن غياب المعلومات والأحداث والوقائع والدلائل، بعكْس مَنطِق المعاند ورأيه ورؤيته، وليس لديه المصداقية في جميع ما يُطرح عليه من معلومات وحقائق، بل ويقاوم تصديقها، وهذا ما ينطبق على الشعب القطري المغلوب على أمره. والآخر هو العناد النفسي، وهو الأعم والأغلب، والعناد هنا لا يقوم على منطق، ولا يسانده دليل ولا حجَّة، بل هو نزعة عدوانية، وسلوك سلبي، وتمرُّد ضدَّ الآخَرين مهما كانت علاقة المعاند بهم، تظهر معه إرادة المخالفة والتصادم وعدم الاستجابة للنصْح والتوجيه، وهذا ما ينطبق على حكام قطر. وقد عاش شعب قطر طيلة ال 20 سنه الماضية في وهم من رغد العيش، وقد يعلم وقد لا يعلم ذلك الشعب أسباب هذا الدخل العالي ورغد العيش. فبعض الآباء يشترى حب أبنائه بأن يغدق عليهم الهدايا والمال والألعاب التي قد يكون مصدرها غير شرعي، فيعيش الابن مرفها وبعيداً عن العصامية ويدافع عن أبيه بشكل مستميت ولا يعلم ما يفعل أبوه. هذا الدفاع ناشئ عن ثقته بأن أباه لم يخطئ وأنه أب ناجح وأن الآخرين عندما يتهمونهم بتلك الأمور فإنما هي غيرة وقهر منهم ومن طريقة حياتهم. ونحن نعرف الشعب القطري، فهم إخوة وأبناء عمومة وأهل وأنساب، ونعرف طباعهم وشهامتهم ونخوتهم، ولكن ما نعلمه وهم لا يعلمونه هو حقيقة حكامهم. لذلك، فالشعب القطري مصدوم وغير مصدق، فقد بايعوا حكومتهم على المنشط والمكره، ولنا فيما فعله شعب قطر مع الشيخ حمد عندما عزل أباه أكبر مثال، فقد وقفوا وقالوا نحن بايعنا خليفة على المنشط والكره ولن نتنازل عنه بسهولة. لذلك، فأغلب القطريين مصدومون فيما تكشف من أمور عن حكامهم. وبالتالي فلا أتوقع في الأمد القريب أن ينكشف حكام قطر لشعبهم، خصوصاً استماتتهم لمحاولة إبقائهم في نفس المستوى من المعيشة كما قبل الأزمة، فهم لا يريدون أن ينكشفوا لشعبهم ومن ثم يبدأ الشعب في التساؤل والبحث عن الحقيقة وعن حقيقة اتخاذ أبناء عمومتهم وأشقائهم في الخليج لهذا الأمر. لذلك، اتبعوا طريقتين: الأولى هي املأ الفم فتستحي العين عن طريق جلب كل ما كانوا يحتاجونه من دول الجوار عن طريق عقد تحالفات مع أعداء أبناء عمومته، تحالفات أساسها الدينار والدرهم وليس الدم والدين. الثانية عن طريق املأ الأذن بكل الأكاذيب عن طريق إطلاق العنان للنائحة المستأجرة (قناة الجزيرة)، وتبني دور المظلومية ودور الثعلب المكار. كل هذه الأمور سوف تغم على الشعب القطري بصيرته ولن تجعله بسهولة يكتشف غدر وخيانة حكامهم. وأخلص بأني لو كنت قطريا لتركت العاطفة وحكمت العقل، وناقشت كل ما طلبه إخواني وأشقائي فكل المطالب هي في صالح قطر كدولة وشعب، نعم إنها ليست في صالح حكامهم أو نائحتهم المستأجرة، فقد انكشفوا بإعلامهم الزائف المبني على أساس التفريق وليس التجميع. فشعب قطر أهل كرم ونخوة وأهل طيب وعزة ولا يرضون أن يظلم جارهم منهم. والبدء بطلب البعد عن أذية الأخ والجار والبعد عن التحالف مع أعداء قطر أولاً وأعداء أشقائهم في الخليج والبعد عن زعزعة أمن إخوانهم في الخليج والعيش بسلام ومحبة والبعد عن كل ما ينغص صفو العيش في الخليج..