اشتبك الأردن وإسرائيل دبلوماسيا بعد قرار إغلاق المسجد الأقصى أمام الفلسطينيين، فيما تراشق الطرفان «بيانات غاضبة» عقب وصف البرلمان الأردني لشهداء «عملية الأقصى» الفدائية بأنهم «يسقون الأرض الطاهرة» بدمائهم، فيما أكد مدير عام الأوقاف الاسلامية في مدينة القدسالمحتلة، عزام الخطيب التميمي، في اتصال هاتفي مع «اليوم» من القدسالمحتلة، أن «موقفهم لن يتغير، وسيصلون خارج المسجد لحين إزالة البوابات الإلكترونية من أمام الأقصى، وقرارنا ساري المفعول». وأشار التميمي، وهو مسؤول يتبع وزارة الاوقاف والمقدسات الإسلامية الأردنية التي تتولى إدارة الاماكن المقدسة في مدينة القدس، إلى أن «القيادات الدينية ومرجعيات القدس اتخذت القرار بعدم دخول المسجد الأقصى المبارك من البوابات الإلكترونية، وعدم القبول بأي إجراءات إسرائيلية من شأنها تغيير الوضع القائم». وشدد التميمي «لن ندخل الأقصى من البوابات الإلكترونية»، واصفا إياها ب «المرفوضة دينياً وأخلاقياً». وفيما إذا أصرت قوات الاحتلال الإسرائيلي على إبقاء البوابات، قال التميمي: «لن نغيّر موقفنا، وسنصلي خارجها حتى إزالتها من أمام الأقصى». ويخلو المسجد الأقصى، منذ تنفيذ العملية الجمعة الماضية 14 يوليو، من المصلين والزوار، فيما تنفذ قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين اقتحامات متعاقبة. اشتباك أردني إسرائيلي وفيما يدير القصر الأردني، بقيادة الملك عبدالله الثاني، الاشتباك الدبلوماسي مع إسرائيل حول إغلاقها بوابات المسجد الأقصى وتقييدها الصلاة فيه بالمرور عبر «بوابات قوات الاحتلال»، انحاز البرلمان الأردني، ممثلا بمجلس النواب (مجلس الشعب)، إلى «العملية الفدائية»، التي نفذها ثلاثة شبان فلسطينيين. وأشاد مجلس النواب، في بيان تلاه رئيسه عاطف الطراونة واستمعت له «اليوم»، ب«عملية الأقصى»، معتبرا أن «استمرار الاحتلال للأراضي الفلسطينية سيبقى سبباً في استمرار المقاومة، التي لن تستكين عند ظلم أو جبروت، وأن التمادي الإسرائيلي وفداحة ما يرتكب من جرائم سيظل السبب في إشعال نار الانتقام في صدور الأجيال التي ما تزال تتوارث كره الاحتلال». وقدّم مجلس النواب الاردني، العزاء لعائلة «آل جبارين»، التي نفذ أبناؤها عملية قتل مجندين في باحات الأقصى، وقال: «نترحمُ على شهدائنا، الذين سقوا ويسقون ثرى فلسطينَ الطهورْ، ونرفعُ هاماتِنا بتضحياتِ الشبابِ الفلسطينيّ الذي ما زال يناضلُ باسم الأمةِ». مضامين البيان البرلماني، وما أعقبه من قراءة «سورة الفاتحة» على أرواح الشهداء، فهمته تل أبيب على انه تصعيد أردني داعم للحراك الدبلوماسي الاردني، فيما انبرى رئيس الكنيست الإسرائيلي للرد على مجلس النواب. رئيس الكنيست يولي ادلشتاين سارع إلى مهاجمة نظيره الأردني عاطف الطراونة، الذي تولى قراءة بيان مجلس النواب، وطالبه ب «السكوت». وقال ادلشتاين، مخاطباً الطراونة: «إن من الأفضل أن تسكت، من غير المعقول أن شخصية رفيعة إلى هذا الحد، في دولة وقعنا معها اتفاق سلام، تشجع على قتل مواطنين إسرائيليين». خطورة المساس بالمقدسات واتهم ادلشتاين، في «بيان»، رئيس مجلس النواب الأردني ب «دعم الإرهاب»، و«التحريض على قتل الإسرائيليين»، واصفاً ما شهده مجلس النواب الأردني ب «الخطير جداً». من جهته، أعلن رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة «ترفعه» عما قاله نظيره الإسرائيلي، وقال في مستهل جلسة عقدها ظهر الثلاثاء: «أترفع عن الرد على تصريحات رئيس الكنيست»، التي هاجم فيها الموقف الذي عبر عنه الشعب الأردني من خلال مجلس النواب حيال إغلاق سلطات الاحتلال للمسجد الأقصى المبارك. وشدد الطراونة أن «الأردن سيواصل نصرة ودعم القضية الفلسطينية وصمود أهلها، من منطلق الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، التي كانت وستبقى فخراً للأردن، حيث ينوب فيها عن العالمين العربي والإسلامي في الدفاع عن أولى القبلتين وثالث الحرمين». وجدد الطراونة التحذير من مغبة وخطورة المساس بالمقدسات، ومحاولات تغيير الوضع القائم في القدس، مندداً بما وصفه ب «سياسات الاحتلال المتطرفة». ورفض الطراونة وضع الاحتلال «بوابات إلكترونية» لمرور المصلين، وكشف عن «خطة تحرك أردنية» تتضمن «مخاطبة البرلمانات العربية والدولية لفضح الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية». وأشار الطراونة إلى رصد مجلس النواب وتوثيقه ل «القوانين العنصرية»، التي يسنها الكنيست دعما للاستيطان والاحتلال، مبينا أن «الأردن سيزود بها كل البرلمانات الشقيقة والصديقة في العالم ضمن خطة تحركه». بقيادة العاهل الأردني وبموازاة ذلك، يشتبك الأردن الرسمي مع الاحتلال الإسرائيلي دبلوماسياً عبر القصر الأردني والحكومة، فيما يقود الملك عبدالله الثاني الحراك البلوماسي شخصيا، وفق مسؤول رفيع. وقال المسؤول، في تصريح ل «اليوم»: إن العاهل الأردني «يقود بنفسه حملة الاتصالات الدبلوماسية لاحتواء الهجمة الصهيونية على المقدسات، وأصدر توجيهات حاسمة بعدم الاستسلام لرد الفعل الإسرائيلي على الرغم من صعوبة الموقف». وبين المسؤول، الذي رفض الإفصاح عن اسمه، أن «القصر الأردني سعى في البداية إلى دفع سلطات الاحتلال للتراجع عن قرارها بإغلاق بوابات المسجد، وهو ما أدى تاليا إلى إعادة فتحها، فيما يسعى الآن إلى عرقلة استغلال إسرائيل للعملية بتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف، واستمرار العمل بالترتيبات التي تتولاها إدارة الأوقاف هناك». وتسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى توظيف «العملية الفدائية» في السيطرة على الحرم القدسي وقبة الصخرة، عبر فرض ترتيبات أمنية جديدة، وهو ما يرفضه الفلسطينيون والمسلمون عموماً.