زمن الطيبين لن يعود.. هكذا خرجت أولى الكلمات من فم رئيس لجنة الحكام السابق في الاتحاد السعودي لكرة القدم محمد المرزوق الذي استضافنا في مجلس منزله المملوء بصور الذكريات في كل زاوية. المرزوق قلب صفحات الماضي وقارنها بالحاضر مؤكدا ان الماضي كان أجمل خصوصا الإعلام الذي كان أحد مفاتيح نجاح الحكام ولجنته «حسب قوله». الكثير من الأحاديث الشيقة تحدث عنها المرزوق الذي كشف عن ميوله لفارس الدهناء في هذا الحوار. * كيف حالك يا عم محمد؟ * الحمد لله الأمور بخير وكل شيء على ما يرام. * زمان عنك؟ * موجود ما بين الأهل والأصدقاء وبعض الزيارات الخاصة لرياضيي المنطقة. * هل ما زلت تتابع الرياضة؟ * أحياناً، لكني قارئ ومتابع جيد للأخبار الرياضية وأشاهد بعض المباريات على حسب المزاج. * وماذا عن حضور المباريات؟ * زمان تركتها، عافت النفس. o طيب حدثنا عن بداياتك الرياضية؟ * كنت لاعبا رياضيا في نادي شباب العرب والذي أسسه مجموعة من الرياضيين منهم أنا والمرحوم صديق جمال الليل وحمد علي رئيس النهضة السابق ومجموعة من الرياضيين، وتم دمج شباب العرب مع نادي الشباب قبل ان يتم تسميته أو دمجه بنادي النهضة بعد قرار تقليص الأندية، وغير ذلك أنا مدرس تربية رياضية وأخذت الكثير من الدورات لكن كانت لي ميول للتحكيم وبالمناسبة أنا لست نهضاوياً، انا ميولي اتفاقية 100% * ومتى التحقت بالتحكيم؟ * في عام 1383ه، عن طريق دورة للمناطق الثلاث الرئيسية، وكان عمري تقريبا 20 سنة، دخلت أنا ومجموعة وتم اختياري ضمن الذين اجتازوا الاختبار. * وكيف كان التحكيم في بداياته؟ * كنا أول مجموعة من المنطقة الشرقية، وبسبب عشقي وميولي لهذه المهنة أصبحت أول حكم دولي في المنطقة الشرقية. * بما أن ميولك اتفاقية.. ألم يؤثر ذلك عليك في التحكيم؟ * حكمت للاتفاق العديد من المباريات بعدها اتخذت قرارا بعدم التحكيم أو التواجد ضمن طاقم الحكام في مباريات الاتفاق حتى أبتعد عن الشبهة والتهمة، ومن المستحيل ان يكون هناك حكم بدون ميول. * ما العقبات التي كانت تواجهكم كحكام في السابق؟ * لم تكن تلك العقبات الصعبة، لأننا حكام هواة وكنا نستلم على كل مباراة (30 ريالا) وقررت بعدها رعاية الشباب ان ترفع من المكافأة لتصبح (50 ريالا) وأطلق الناس علينا كلمة (مفترين) بسبب اننا نتقاضى مكافأة ضخمة (يقصدون ال50 ريالا). ومن عشقنا للتحكيم كنا نتنقل بالسيارة الخاصة من مدينة لأخرى لذلك لم نكن ننظر لها كعقبات بل هي كحلاوة تعب المهنة. * هل هناك مواقف صعبة واجهتها كحكم؟ * مواقف كثيرة جدا، أتذكر منها أنني كنت في المدينةالمنورة بعد ان اسندت الي مباراة الأهلي وأحد، وكنت حريصا على الوقت ووصلت للملعب قبل انطلاق اللقاء ب4 ساعات ووجدت شخصين يتحاوران عن حكم المباراة، فقال أحدهما: حكم من الشرقية ويمكن يسوي لنا مشكلة ويمكن يميل مع الأهلي ولو رأينا منه حركات (بنضربه) مثلما ضربنا غيره، وأنا كنت جالسا معهما وهذا الحديث سبب لي نوعا من الربكة وسط تهديدهما. * وكم مدة ممارستك للتحكيم حتى أصبحت رئيسا للجنة الحكام؟ * مدة طويلة جدا، لأني في عام 1397ه كنت عضوا في لجنة الحكام وترأست اللجنة بعد وفاة المرحوم مثيب الجعيد، أنا رابع رئيس للجنة الحكام في تاريخ الرياضة السعودية، ترأستها 3 سنوات فقط بعد ترشيحي من قبل الأمين العام للاتحاد السعودي لكرة القدم في وقتها عبدالرحمن الدهام. * وبعدما أصبحت رئيسا للجنة الحكام كيف رأيت الفرق؟ * العملية ليست سهلة ابدا، كنت استيقظ آخر الليل بسبب التفكير في التكليف أو متابعة الجدول الزمني للحكام والمكلفين ومراجعة المواعيد وغيرها ولم تتواجد هناك التكنولوجيا التي سهلت أمورا كثيرة حاليا. * وكيف كان يتعامل معكم الإعلام كلجنة حكام؟ * زمان كان جميلا جدا، صحافة الماضي كانت محفزة لنا، كان الإعلام ينتقد نقدا بناء وكانت المواد الإعلامية مفيدة لنا كلجنة وكذلك للحكام، وكان المنتقدون من أصحاب الأقلام المميزة كصديق جمال الليل وبعضهم أصبحوا رؤساء تحرير في الصحف السعودية مثل المرحوم تركي السديري ومحمد الوعيل وهاشم عبده هاشم وغيرهم. ورغم ان للإعلاميين ميولا إلا انهم كانوا أحد مفاتيح نجاح الحكام ولجنة الحكام. * ألم يكن هناك تهجم على الحكام مثل وقتنا الحالي؟ * أبدا لم يكن مسموحا لأي رئيس ناد بأن يتهجم على الحكام بسبب قوة الرياضة في تلك الحقبة من الزمن بوجود الأميرين فيصل بن فهد وسلطان بن فهد، كان للانتقاد حدود ولا يسمح بالتعدي على الخطوط الحمراء التي تمس الذمم أو الانتقاد الهدام. * إذن كان هناك فرق كبير بين التحكيم حاليا وفي الماضي؟ * فروقات كبيرة، نتفق أن الأخطاء التحكيمية موجودة منذ اختراع كرة القدم، في الماضي لم تكن تلك الأخطاء التي تشوه جمال كرة القدم بعكس الحاضر مع كثرة الأخطاء البدائية رغم كل ما يتوفر للحكام حاليا من تسهيلات وظروف مناسبة وأموال كثيرة تصرف عليهم. * وهل الصرف على الحكام تعتبره تبذيرا؟ * لا أسميه تبذيرا، بل هو صرف في غير محله واسلوب غير صحيح، لماذا أصرف أكثر من 20 ألف دولار شهريا على دائرة التحكيم؟ ولماذا لا يتواجد حكم سعودي مثل عبدالرحمن الزيد يمسك دائرة التحكيم فهو متمكن؟ * لو كنت مكان عادل عزت في رئاسة اتحاد القدم ما القرارات التي ستتخذها؟ * أول قرار سأتخذه هو إلغاء الاستعانة بالحكم الأجنبي، هل يعقل ان يحكم ثلثي المباريات في الدوري حكم أجنبي؟. أما القرار الثاني فهو التقليل من اللاعبين الأجانب، 4 لاعبين قد يكون العدد مقبولا أما 6 لاعبين فأعتقد ان هذا كثير و«زادوا الطين بلة» بقرار الحارس الأجنبي!!! * لو عدنا للخلف قليلا، هل تعتقد ان عمر المهنا نجح في لجنة الحكام؟ * عمر المهنا تلقى هجوما لاذعا، الرجل عمل واجتهد وكون قاعدة قوية للحكام السعوديين بدليل إبداع الشلوي والمرداسي والعبكري فهم أحد نجاحات المهنا، وأعتقد انه جهز أكثر من 80 حكما درجة أولى وينتظرون الفرصة ليبدعوا وقرار الحكام الأجانب قد يقضي عليهم. * وهل تعتقد ان الثلاثي «الشلوي والمرداسي والعبكري» مرشحون لمناصب مستقبلا؟ * إذا كانوا سيأخذون مناصب بدون صلاحيات فوجودهم في المستطيل الأخضر أفضل، ولك في مرعي العواجي مثال واضح وصريح. * وكيف تتم حماية الحكام من الهجوم اللاذع؟ هل بوجود لجنة انضباط؟ * إذا كانت لجنة الانضباط التي ستحميهم مثل اللجنة المتناقضة في قراراتها فلا داعي لها. * بما ان ميولك اتفاقية دعنا نوجه البوصلة نحو الفارس: ما هو الفرق بين اتفاق الماضي والحاضر؟ * يتنهد المرزوق قليلا ثم يجيب: الاتفاق تماما مثل البرازيل، هل شاهدت البرازيل أيام بيليه وهذه الأيام؟ الفارس سابقا كان متعة كرة القدم، كان هناك مدرب في النادي الأهلي اسمه «ديدي» كان يقول اعطوني الاتفاق ونلعب به باسم المنتخب السعودي ومستعد ان أحقق بطولات الخليج والبطولات العربية والمنافسة على آسيا، كل هذا دليل على ان الاتفاق كان فريقا مهيبا. * وما الذي تغير الآن؟ * الاحتراف قلب كل المعادلات واصبح الاتفاق وغيره يجلبون الغالي ماديا ولا يقدم الا القليل من العطاء في الملعب، اعتقد ان لائحة الاحتراف بنيت على قوائم خاطئة وهناك ثغرات يجب ان تغلق جيدا لمصلحة الرياضة السعودية. * وكيف رأيت الاتفاق الحالي؟ * قبل الحديث عن الاتفاق الحالي دعني أكشف لك سرا، فالرئيس الذهبي عبدالعزيز الدوسري «ظلم» من اشخاص بسبب مصالح شخصية ولأحقاد، الرجل ما أعطي حقه، كان يعشق النادي وصرف من جيبه الخاص وكان يستشير دائما ولديه أعضاء شرف حقيقيون. * ألم يكن أبو محمد ديكتاتورًا كما يقال عنه؟ * أبدا، كلمة «ديكتاتوري» اخترعها من كانوا يريدون تشويه سمعة الدوسري، كان دائما يكرر من يريد العمل فالنادي مفتوح للجميع وليالي رمضان كانت تشهد بذلك بدليل الجموع التي كانت تحيي النادي والحضور الكثيف وكل هذا حبا واحتراما لعبدالعزيز الدوسري. أما إدارة خالد الدبل فهي إدارة شابة مجتهدة لكن تنقصهم الخبرة الكبيرة وعليهم باستشارة القدامى وتكوين مجلس شرفي حقيقي والا ينفردوا بالقرارات وأمنياتي ان يستمر الاتفاق بيتا للجميع لأني سألت بعض الاتفاقيين عن سبب ابتعادهم وكان جوابهم «لم يدعونا أحد». * كيف كانت علاقتك بالمرحوم عبدالله الدبل؟ * علاقتي قوية، يكفي ان هذا الرجل بعد وفاته أصبح في كل منصب كان يتقلده أكثر من 4 أشخاص وما زالوا غير قادرين على تحمل ما كان يتحمله. * وما كلمتك الأخيرة للاتفاقيين؟ * عليهم ان يتخذوا من الهلال نموذجا في كيفية تسليم واستلام الإدارات وان تكون كل ادارة مكملة للأخرى بجانب وجود اعضاء شرف ثابتين يخدمون الكيان لا الشخوص. * من الشخصيات التي تعتز بها؟ * في السلك الرياضي كنت أعتز كثيرا بقربي من الأمير فيصل بن فهد والأمير سلطان بن فهد اللذين كانا يتعاملان مع منسوبي الرياضة بكل شفافية وبعيدا عن الرسميات، حتى زيارتهما في البيت كانت تمر بكل يسر فكنا نذهب لمنزليهما للانتهاء من بعض الأعمال الخاصة باتحاد القدم. غير ذلك كانا داعمين للجنة الحكام وفي ذروة الرياضة السعودية كنا نرسل حكامنا السعوديين للتحكيم في الدوريات العربية بجانب توقيع العديد من الشراكات التي من شأنها تطور الحكام السعوديين. * كلمة أخيرة؟ * شكرا لكم وأمنياتي أن نرى الرياضة السعودية في المقدمة دوما وان يضع الجميع أيديهم في أيدي بعض من اجل الوطن، شكرا لجريدتكم الموقرة. المرزوق مع الأمير سلطان بن فهد (اليوم) المرزوق مع ابن جلوي المرزوق أثناء عمله في قطاع الكشافة المرزوق مع الشيخ عيسى بن راشد