يتفق المسلمون حول العالم مهما كانت أوطانهم وعاداتهم وتقاليدهم على أن شهر رمضان المبارك هو شهر الخير والبركات والتقرب لله بالعبادات والطاعات، ويتفقون أيضا على أن رمضان في المملكة بلاد الحرمين الشريفين له روحانية خاصة وتسهيلات وميزات عن بقية بلدان العالم، وتجدهم يحرصون على زيارتها لأداء مناسك العمرة وحضور الليالي العشر في رحاب بيت الله العتيق ومدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وبين هذه الحقائق والوقائع يظل الإسلام رابط المحبة والسلام ليس بين أبناء البلدان الإسلامية بل في العالم بأسره، وقد حظيت اليوم بفرصة لقاء أحد أهم الشخصيات الإسلامية الأمريكية وهو الإمام طالب شريف إمام مسجد محمد المعروف بمسجد الأمة الكائن في العاصمة الأمريكيةواشنطن دي سي فكان الحوار التالي: ■ هلا اخبرتنا عن قصة وصولك لإمامة مسجد الأمة في العاصمة الامريكية؟ * الموضوع بدأ في 1380 حين كنت في الخدمة العسكرية في واشنطن دي سي حيث ذهبت للتدريب وكنت قد اعتنقت الاسلام حينها، ولكن لم أكن أعرف الكثير عنه، وهناك التقيت بأحد الافراد الاعضاء في المسجد، ومع مرور الوقت بدأ يزداد اهتمامي بخدمة المسجد ولمدة قاربت 10 سنوات كنت قد كثفت جهودي وتدربت في الحلقات وأخذت الدروس المتعلقة بالقرآن وعلومه هناك، وبعدها أقدمت على تعلم اللغة والقرآن والعلوم الاسلامية عن طريق برنامج لجامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية بالرياض عبر نظام التعليم عن بعد، لحين جاء يوم تقاعد إمام مسجد الامة يوسف سليم ليتجه الاعضاء الى عملية التصويت بحثا عن خلف له والتي اوقعت الاختيار علي لأكون بعد الإمام الرسمي لجامع محمد في واشنطن، وهو امر يعتبر سابقة وقتها، فأن تكون إماما عسكريا قد بدا امرا مغايرا في فترة كان الاسلام يمر فيها بتحديات كثيرة حول العالم نتيجة استغلال اسمه من قبل الجماعات المتطرفة والذي شكل لدي تحديا آخر ان اسهم من خلال هذا الموقع في أن أغير هذه النظرة ولو على نطاق محيطي الذي أعمل به من ثم أستطيع ان أضاعف جهودي في ذلك حول العالم حيث أقوم بالسفر والتعاون مع المؤسسات الإعلامية والدعوية لاجل تحقيق هذه الغاية. ■ ما الغرض من زيارة المملكة وهل هي الأولى؟ * هذه هي الزيارة الثانية للمملكة حيث كانت الاولى في العام 1992 وقتها مكثت في مدينة الخبر حيث اتيحت لي فرصة القيام بالعمرة والحج وكذلك اسهمت في تنظيم رحلة الحج للزملاء بالخدمة العسكرية الامريكية وقتها بالتعاون مع الجهات المعنية بالسعودية والتي قدمت لنا كافة التسهيلات، بل لا أزال اتذكر كم كنا معجبين بالجهود التي تبذلها السعودية في خدمة ضيوف الرحمن حيث كنا نسمع عنها كثيرا لكن ان تراها وتلمسها بنفسك فذلك له اثر رائع وصورة نود ان نتقاسمها دوما مع الآخرين، وبالنسبة للزيارة الحالية تأتي أيضا ضمن برامج التعاون بين وزارة الخارجية الامريكية والجهات الاخرى بالحكومة الامريكية ونظيرتها بالمملكة التي تتضمن اضافة لزيارتي للمنطقة الشرقية زيارة كل من مكة لأداء العمرة من ثم اختتم زيارتي بالذهاب للمدينة المنورة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وانني في شوق لهذه الزيارة الروحانية منذ مدة. ■ كأمريكي مسلم.. هل لك أن تحدثنا عن هذا الشأن بشكل أكبر؟ * أن أكون أمريكيا ومسلما لم يكن امرا يأتي بسلاسة بل كان تحديا جديدا في حياتي قررت أن أخوضه وهو امر ساعدني كثيرا على النجاح في عملي بالخدمة العسكرية وايضا في بقية علاقاتي ومسؤولياتي لأن التعاليم في الدين الإسلامي والأحاديث التي أتى بها النبي المصطفى تؤكد دوما على اهمية الاتقان في العمل والاخلاص في اداء كافة المسؤوليات والصدق والكثير من المعاني الجميلة التي ساعدني الالتزام بها على التميز في أدائي، وشخصيا لم اواجه الكثير من المصاعب فالتحديات كانت قابلة للاستيعاب، ولعل أهم الاسباب في ذلك هو الفريق والقادة الذين عملت معهم وان لم يكن الكثير منهم مسلمين الا ان الاحترام والدعم الذي لمسته منهم في هذا الجانب ساعدني على المضي قدما في واجباتي كمواطن امريكي.. ولعل التحديات الأكبر بدت أمامي بعد ان تقاعدت من الخدمة وتفرغت للقيام بخدمة المجتمع الاسلامي والانخراط اكثر في مشاريع الحوار بين الاديان وتقريب وجهات النظر. وكمسلم امريكي اعتقد العائق الوحيد الذي قد يواجهنا هو الاشخاص الذين لا يرغبون في استيعاب ان المسلمين هم جزء من المجتمع الامريكي ولا يرغبون ببناء جسور التقارب بسبب قناعاتهم، ولعل كون المسلمين ليسوا بالشريحة الكبيرة في الولاياتالمتحدة بالتالي لا يعرف الكثير عن حقيقة ما يعنيه هذا الدين فالانسان عدو ما يجهل ولكن لعل طبيعة التركيبة للمجتمع الامريكي تجعله يشهد مثل هذه التحديات دوما سواء على التفاوتات الدينية والعرقية وغير ذلك منذ سنوات ولكن الحل هو دائما ان تقدم نفسك بالشكل الصحيح وان تكون خير مثال وتوجد الاجابة المقنعة لكافة التساؤلات وهو ما أود أن أقوم به دوما كمواطن امريكي مسلم تجاه بلدي وديني. ■ اليوم أنت في المملكة ونحن في الشهر الفضيل رمضان، حدثنا عن هذه التجربة؟ * لعلي سأقارن بين رمضان في الولاياتالمتحدة والمملكة حيث ان الوضع هنا يتمتع بكثير من المزايا مقارنة بالوضع في امريكا فهنا وان كانت الاجواء اكثر حرارة ولكن ساعات الدوام اقل كما ان الطابع العام يتفاعل مع شعائر الشهر الكريم فالناس بالمجمل تصوم بالنهار والمطاعم تغلق وساعات الدوام تخفض كما انك تجد المزيد من الوقت لقراءة القرآن والصلاة والتهجد في اجواء روحانية وهو امر يجعل الصوم والعبادات في رمضان أسهل مقارنة بتحديات الصوم في الولاياتالمتحدة حيث يمثل المسلمون جزءا من مجمتع يحتوي مختلف الاديان والعقائد مما لا يستدعي التغيير في نظام الدوام ومظاهر الاكل والشرب فالحياة تسير بطبيعية كما بقية ايام السنة ناهيك عن طول ساعات النهار ولكن هذا وان كان البعض يعتبره مشقة ولكني احتسب انه زيادة في الاجر وايضا فرصة اخرى للتعريف برمضان والصوم لكثيرين ممن يستفسرون منك لماذا لا تأكل او تشرب.. ولعلي أود التنويه وأنا أزور البلاد التي تحتضن الإسلام وقبلة المسلمين بالجهود الحثيثة التي تقوم بها المملكة لخدمة الإسلام والمسلمين حول العالم والتي تتطور بشكل مستمر واستحداثها لمراكز الحوار بين الاديان ومكافحة التطرف، ونحن كمسلمين في امريكا حيث نعد جزءا من مجتمع ضخم يحتم علينا مواجهة الكثير من التحديات نلمس هذه الجهود بل نستلهم منها القوة ونطمح لمزيد من التعاون في مختلف الأوجه التي ستزيد متانة الاسلام وتعكس صورته الحقيقية الحاملة للسلام والخير ليس فقط في المملكة والولاياتالمتحدة بل في جميع انحاء العالم. طالب محمد شريف * أول إمام متحدث للرئيس السابق جورج بوش في مجلس القمة الوطنية بشأن اللاعنف. * تم تكريم الإمام شريف عن الخدمة التي قام بها من الرئيس باراك أوباما في حفل الإفطار في البيت الأبيض عام 2011. * عمل كمتحدث رئيسي عن البنتاغون. * متحدث في التحالف العالمي للأديان من أجل السلام في سيول كوريا، وفي اتفاقية السلام العالمية في باراغواي وأمريكا الجنوبية. * حاصل على عدة جوائز وميداليات عن الخدمة العسكرية وعن الامامة. * متزوج من طاهرة، ولديهما ثلاثة أبناء وسبعة أحفاد. * متقاعد من سلاح الجو الأمريكي بعد 30 عاما، وحاصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية المشتركة، ودبلوم من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. الإمام شريف يتحدث الى ( اليوم) مسجد محمد في العاصمة الامريكيةواشنطن (اليوم)