أكد مختصون وعدد من السياسيين ل«اليوم» أن قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، من قبل المملكة ودول أخرى، جاء نتيجة دعمها الارهاب، وسعيها المتواصل لزعزعة استقرار المنطقة، واحتضانها الجماعات الارهابية كالإخوان المسلمين وحماس، والتنسيق مع ايران، معتبرين أن إغلاق الحدود معها يعتبر ضربة قاسية لم تتوقعها الحكومة القطرية التي أصبحت معزولة، غير مستبعدين حدوث مواجهة من بعض آل ثاني والشعب ضد الحكومة القطرية؛ بسبب ضلوعها في إحداث أزمات مع دول الخليج وتقاربها مع إيران على حساب مصالح الدول العربية والخليجية. وراء كل كارثة قال المحكم الدولي والمستشار القانوني علي بن محمد القريشي «قطر وراء كل كارثة إرهابية» مشيرا إلى «أن العوامل والمعطيات الموجودة والملموسة من سياستها هي سبب تلك الاتهامات». واضاف «لو تأملنا في مسيرة قناة الجزيرة والأفرع الجديدة التي أنتجتها هذه القناة لوجدتهم يروجون للإرهاب ويستضيفون قادته». وأضاف القريشي «التساؤل المباشر الذي يرد لذهن أي متابع ما الهدف من وجود مكتب لحركة طالبان في قطر، وهل هو كمحفز رئيس للإرهاب للمنطقة، أم أنها غرفة عمليات تدار منها الأعمال الإرهابية في الشرق الأوسط، ومن هنا يتأكد الاتهام بأن قطر تدعم الأعمال الإرهابية». وأوضح المستشار القانوني «أن هناك تقارير دولية متكررة تفيد بتورط قطر في دعم الجماعات المتطرفة لتنفيذ الأعمال الإرهابية في مصر عن طريق إنشاء معسكرات لتدريبهم في ليبيا ليدخلوا أراضيها من غربها، وجماعات أخرى من شرقها عن طريق سيناء، ومنذ سنين ومصر تحارب الإرهاب في كل مناطقها وما زالت تعانيه، حيث حصد الإرهاب أرواح الكثيرين من الأبرياء»، مشيرا الى «أن كل هذه الاحداث والمؤكدة لتورط قطر ستقودها لا محالة الى عزلة دولية»، لافتا الى «أن كل هذا سيعرضها للملاحقة القضائية لممارساتها وعلاقاتها المشبوهة مع الارهاب». نسف السلم الاجتماعي أكد د. صالح الطيار عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، ان قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، يضعها في زاوية ضيقة، خاصة ان دائرة قطع العلاقات بدأت تتسع الآن وتبقى قابلة للزيادة، نظرا لمواقفها الداعمة للإرهاب في المنطقة. وقال الطيار «يتوجب على قطر ان تسارع لمراجعة كل مواقفها، التي تفضي الى نسف السلم الاجتماعي في المنطقة من خلال موالاة منظمات ودول ارهابية مثل ايران التي تسعى من خلال تدخلها في شؤون الدول العربية والاسلامية لضرب الاستقرار وإشاعة الفوضى». وأشار إلى أن قطر وضعت نفسها في موقف لا تحسد عليه، مؤكدا أنه نتيجة قطع العلاقات الدبلوماسية ستلحق بقطر خسائر فادحة أبرزها عدم قدرتها على تنظيم كأس العالم 2022، كونها تعتمد بشكل أساسي على توريد المواد لبناء الملاعب وغيرها من المملكة. من جانبه قال د. محمد الصبيحي: إن إعلان قطر مساندة حركة حماس، التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، وتنظيم «حزب الله» الإرهابي، الذراع العسكرية لإيران في المنطقة، جعل العديد من المشرعين الأمريكيين يضعون نقل القاعدة الأمريكية من قطر في الحسبان بشكل جدي، مشيرا إلى أن ممارساتها تقوض جهود سنوات، بل عقود، في احتواء الوضع الأمني في المنطقة، حيث أصبحت دول الخليج وعدد كبير من الدول في المنطقة محبطة من سياساتها المتعنتة والمتكررة في إذكاء الإرهاب ورعايته. وأضاف د. الصبيحي أن الموقف الذي اعلنته المملكة والعديد من الدول تجاه قطر ما هو إلا نتيجة حتمية لسلوك قطر غير المسؤول في السنوات الأخيرة، وإصرارها على استمرار علاقاتها مع كل من حماس، وتنظيم الإخوان، وتنظيمات أخرى تقوض استقرار الشرق الأوسط. ولفت الصبيحي إلى «أن قطر كسرت صف وحدة العالم العربي الموحد والجبهة الموحدة ضد إيران، وخذلت الجميع، كما انها تسببت في تشجيع خصوم المنطقة، خاصة إيران والإخوان والتنظيمات الإرهابية»، منوها إلى «أنها تجاهلت اشقاءها وجيرانها ورفضت قطع علاقاتها مع التنظيمات المشبوهة». وحدة البيت الخليجي قال استاذ العلوم السياسية بالامارات، د.عبدالخالق عبدالله «إن الجميع يتمنى وحدة البيت الخليجي وأن يكون نموذجا ونبراسا للعمل والعلاقات، ولكن ما صدر من حكومة قطر من تصرفات اضر بوحدة الخليج والعرب»، وأكد «ان قيادة قطر لم تلتزم بمسؤوليتها السياسية والاخلاقية»، مشيرا إلى «ان صدور قرارات قطع العلاقات معها وإغلاق الحدود سوف يتسبب في اختناقها بريا وبحريا وجويا ويضعها في حلقة مغلقة»، وبين «أن القرارات صدرت بسبب تراكم تصرفات وممارسات الدوحة تجاه أشقائها وجيرانها». وأشار د. عبدالله إلى «أن قادة الخليج أعطوا قطر مهلة تلو الأخرى ولكنها لم تلتزم بما تم الاتفاق عليه وآخرها مخرجات قمة الرياض، وها هي تحتضن بعض الجماعات المتطرفة وتدعم أخرى ارهابية»، وقال «في تقديري لا استبعد تدخل عدد من آل ثاني والشعب القطري في الضغط على القيادة القطرية، وربما حدوث بعض الأمور والتطورات والمستجدات التي لن تتوقعها قيادتها». مأزق سياسي- اقتصادي بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة د. أحمد البرصان «اعتقد ان الامور وصلت حاليا إلى طريق مسدود ومأزق سياسي- اقتصادي- اجتماعي في قطر، فقطع العلاقات وإغلاق الحدود الجوية والبرية والبحرية معها يؤكد عمق الخلافات، وصعوبة حلحلتها خاصة ان هذه ليست المرة الاولى التي تفتعل قطر خلافات مع دول الخليج، ورغم ما يتم خلال الفترات السابقة من وساطات ومصالحات لحل الخلافات إلا ان الحكومة القطرية لم تلتزم بالاتفاقيات مما أحدث تراكما للقضايا ما نتج عنه هذه القرارات القاسية التي لم تتوقعها الحكومة القطرية». وأضاف د. البرصان أنه ورغم التزام الصمت من الجهات الرسمية حيال ما يتم تداوله في وسائل الاعلام عن وجود أزمة وخلافات بين قطر وبين بعض أشقائها وجيرانها، اعتقد ان دول الخليج اعطت فرصة لقطر للالتزام بما يليها من اتفاقيات مع دول المجلس، وان تعمل على حل الخلافات السياسية داخل محيطها سواء كانت جوهرية او فرعية، واستدرك قائلا «الامور كانت غير واضحة في السابق فيما يتعلق بالأزمة داخل قطر، وهي تحاول الآن التقارب مع نظام إيران على حساب المملكة، وهو ما سيعمق الخلافات التي كانت ربما في السابق اختلافات في وجهات النظر». وأضاف البرصان «بعد صدور قرار قطع العلاقات وإغلاق الحدود، فهذا يعني أن الصبر قد نفد، ومجلس التعاون يدرك الأخطار التي تحيط بالمنطقة والأحداث المتلاحقة التي تمر بها اليمن وسوريا وبعض البلدان العربية، لهذا كان هذا هو الحل الوحيد أمامه بمحاصرة قطر سياسيا واجتماعيا واقتصاديا». لن يتحملها القطريون من جانبه ذهب الباحث في وزارة الداخلية د. فيصل بن ماجد الدويش في تحليله عكس البرصان، بقوله: ان الخلافات بين قطر وبعض دول مجلس التعاون الخليجي كانت وما زالت خلافات واسعة؛ وليست من باب اختلاف وجهات النظر، واضاف: اعتقد ان دول مجلس التعاون وعلى رأسها المملكة العربية السعودية اعطت حكومة قطر عدة فرص قبل اتخاذ هذه الإجراءات الصارمة المتعلقة بقطع العلاقات وإغلاق الحدود معها بريا وبحريا وجويا. واستطرد د. الدويش قائلا «قطر اصبحت معزولة ومحاصرة من دول الخليج، واعتقد ان اسرة آل ثاني والشعب القطري سوف يقدم على ضغوطات وإجراءات تجبر قيادته على تنفيذ جميع التزاماتها وعهودها ومواثيقها مع دول مجلس التعاون»، وزاد «يجب أن تجبر القيادة القطرية على التفكير مليا في فك الحصار عن مواطنيها الذين وجدوا أنفسهم في عزلة عن بقية أشقائهم واخوانهم بدول الخليج، وهو الشيء الذي لا يد لهم فيه، أو ذنب».