الدعوة التي وجهتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الليبية للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، والمفوض السامي لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة، حول المطالبة بفتح تحقيق دولي حيال التدخل والدعم المالي والعسكري من قبل دولة قطر للجماعات والتنظيمات الإرهابية المتطرفة في ليبيا، ما هي إلا مؤشر لما بلغته الأمور تجاه السياسات القطرية التي يبدو أنها باتت تتوهم أنها في مأمن من أي عقوبة في ظل وجود أكبر قاعدة أمريكية خارج حدود الولاياتالمتحدة على أراضيها، وهو ما تم الحديث عنه مباشرة في التصريحات المنسوبة للأمير القطري، حينما وصف القاعدة بأنها تحميه من أطماع الجيران. إذ يبدو أن سيطرة حلم النفوذ قد طغى على أداء السياسة الخارجية القطرية، وأفقدها صوابها، حيث لم تعد تدرك حجمها، بعد أن اعتمدت سياسة اللعب ضد التيار، وذلك بتبني كل منظمات التطرف والانفصال، وضخ الدعوم لها لضمان تبعيتها للموقف القطري، كما حدث في شق الصف الفلسطيني بضرب السلطة بحكومة حماس، والتي لم تخدم بانقسامها سوى الكيان الصهيوني، إلى جانب ما فعلته باسم الوساطة في القرن الأفريقي، وما أحدثته تدخلاتها السافرة في مصر، وفي ليبيا والتي وجدت فيها الساحة الأمثل لممارسة حماقاتها، وهو ما كشف عنه بتوسع التقرير الذي نشرته (اليوم) يوم أمس، واستعرض أدوار قطر المشبوهة في الواقع الليبي على وجه التحديد، وحجم التدخلات غير المسؤولة التي أعاقت تعافي ليبيا من أزمتها، هذا إلى جانب العديد من الشواهد حول الدعم القطري للجماعات المتطرفة في سوريا واليمن وغيرهما. وحيث لم تلتزم قطر بكل تعهداتها في مواجهة الإرهاب، مثل بيان جدة 2014م، وقمة الرياض الأخيرة، كما وتتهمها مؤسسات أمريكية بدعم الإرهاب كما جاء على لسان أحد خبراء مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية الأمريكية، والذي أشار إلى أن قطر لم تتحرك ضد الأشخاص الذين مولوا تنظيمات إرهابية، هذا فضلا عن اتهامها بأنها قدمت عددًا من الفديات للرهائن لدى بعض الجهات المتطرفة، كل هذا يجعل من مطالبة ليبيا بمحاكمة قطر أمام الجنائية الدولية مطلبًا ملحًا لتبييض صفحتها إما بإسقاط تلك التهم، أو محاسبة المسؤولين عنها صيانة للسلم العالمي. فهل تفيق قطر وتستدرك حجم مخاطر سياساتها لتعود إلى سربها الخليجي والعربي والإسلامي بعيدا عن الركض خلف أوهام القوة؟.