«وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ» (سورة الإنفال آية 72) وما زالت العنصرية تتوهج في البلاد الأوروبية وأمريكا ضد المسلمين والمسلمات لمجرد أنهم عرب أو مسلمون أو محجبات. فحدث منذ أيام قلائل ومع تزامن دخول شهر رمضان المبارك حادث مؤسف ومخزٍ في قطار مدينة بورتلاند بأمريكا بسبب العنصرية، فكان الاعتداء على فتاتين صغيرتين إحداهما ترتدي الحجاب والثانية سوداء فبدأ المعتدي الهجوم عليهما صارخًا بعبارات «كل المسلمين لابد أن يموتوا» تقدم ثلاثة رجال للدفاع عن الفتاتين فتحول المجرم العنصري إلى الهجوم على الذين هبوا لمساعدة الفتاتين الصغيرتين وقام المجرم بمهاجمتهم بكل شراسة وضراوة، ما أدى إلى مقتل أحدهم في الحال ولفظ الثاني أنفاسه عند وصوله المستشفى وأصيب شخص ثالث مازال يتلقى العلاج. قال عمدة بورتلاند عن هؤلاء الأبطال الذين هبوا لنصرة الفتاتين والحفاظ عليهما «إن التصرف الذي أقدم عليه الرجال الثلاثة ينم عن إيثار ينبغي أن يكون مثالا يحتذى به»، وأضاف أن «المناخ السياسي الحالي يشجع على المزيد من التعصب» إن هؤلاء الأبطال الذين هبوا لنصرة الفتاتين والدفاع عنهما يستحقون منا أكبر التقدير والعرفان فيجب علاج مصابهم ورعاية أسرهم وذويهم وتعويضهم لاثبات أن الإسلام يأمرنا برد الجميل والمعروف، وقد قال صلى الله عليه وسلم من (صنع إليكم معروفا فكافئوه) وأي معروف هذا اعظم وأنبل من التضحية بالنفس لمساعدة هاتين الفتاتين، وقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على الدفاع عن النفس والعرض والمال فقال (من قتل دون ماله فهو شهيد مَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ، أَوْ دُونَ دَمِهِ، أَوْ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ..) والأمر العجيب أن هذا الحدث الجلل تجاهلته وسائل إعلامنا العربي والإسلامي وتنكرت له فضائياتنا التي شغلتنا بأخبار الفنانين والفنانات والهابط من الأخبار، وكان الأحرى لها أن تعقد الندوات وتدعو أصحاب الفكر والرأي للإشادة بصنيع هؤلاء الأبطال ولكنها للأسف الشديد صمتت صمت القبور وفوتت علينا فرصة ثمينة لتصحيح مفاهيم خاطئة عن الإسلام وروحه ورسالته خاصة أن من بيننا من شجع الشباب على قتل الآدمي دون اعتبار لجنسه ودينه ولونه، فيا أيها القوم لابد أن يقابل الإحسان بالإحسان فلا يمكن أن يكون المؤمن جحودًا للمعروف ولا كفورًا للعشير. وإذا أردنا حفظ الكرامة البشرية فعلينا أن نسعى جميعا حكومات ومنظمات إنسانية وحقوقية بجميع شعوبنا العربية والإسلامية لإغاثة ذوي هؤلاء الضحايا وأبنائهم ومصابيهم ونتكفل برعايتهم ليكون الجزاء من جنس العمل، وعلينا أن نجعل ما فعله هؤلاء الأبطال مثلا يحتذى به وأن نشجع الشباب على أن يحذوا حذوهم لنصرة المستضعفين والمعتدى عليهم. رحم الله هؤلاء الرجال الأبطال ومن حذا حذوهم للدفاع عن الإنسانية وأسكنهم فسيح جناته.