أعلنت وزارة المالية الخميس الماضي نتائج ميزانية الربع الأول للعام المالي 2017م، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ إعلانات الميزانيات السعودية على الإطلاق، حيث جرت العادة على أن يعلن عن الميزانية لإجمالي العام المالي وبشكل سنوي، لكن أن يتم الإعلان عنها بشكل ربعي فهو أمر يتّسم بالكثير من الشفافية والإفصاح والعمل المؤسسي الذي سيدعم بإذن الله تحقيق برنامج التوازن المالي في عام 2020م وصولاً لرؤية 2030، كون منهج متابعة نتائج أي عمل بشكل دوري يساهم بشكل كبير في تقييمه وتطويره وتحقيق أهدافه. وأسفرت نتائج الربع الأول عن تحقيق الدولة لإيرادات قدرها 144 مليار ريال مقابل مصروفات قدرها 170 مليار ريال، مما نتج عن عجز قدره 26 مليار ريال. ولا قيمة لكل تلك الأرقام إن لم يفهم المواطن البسيط والذي هو محور العملية التنموية أثر تغيّر تلك الأرقام ووضوح إيجابيتها رغم سلبيتها، ويتأكد ما إذا كنّا من خلالها نسير في الاتجاه الصحيح أم لا، فالإيرادات الإيجابية عموماً يجب أن تكون في تزايد مستمر ومتنوّع يركز بشكل أكبر على القطاع غير النفطي، أما المصروفات فيجب أن تتم السيطرة عليها بشكل أكبر ليس ذلك فحسب، بل أن تتّسم أوجه الصرف بكفاءة إنفاق عالية مما يخفض أي عجوزات ويحوّلها إلى أرباح مع مرور الوقت وهذا ما سنتحدث عنه بالتفصيل. فتحقيق إيرادات قدرها 144 مليار ريال بزيادة قدرها 72٪ عن الربع المماثل من العام الماضي أمر رائع، ولكن الأروع من ذلك هو نمو الإيرادات غير النفطية بنسبة 1٪ لتبلغ 32 مليار ريال وهو أمر يتناغم مع توجهات برنامج التحول الوطني، فيما ارتفعت الإيرادات النفطية 115٪ مدعومة بارتفاع أسعار النفط حيث بلغت 112 مليار ريال، وبذلك فإن إيرادات الربع الأول حققت ما نريد. أما المصروفات فانخفضت بنسبة 3٪ مدعومة بإلغاء البدلات والمكافآت حيث بلغت 170 مليار ريال، والمهم في ذلك أنه تم إنفاق نصفها تقريباً على التعليم والصحة والتنمية الاجتماعية والخدمات البلدية، وبذلك أيضاً المصروفات تسير كما نريد. فيما انخفض العجز 71٪ مما هو عليه في الربع المماثل من العام الماضي، حيث بلغ 26 مليار ريال فقط، والذي سيتم تمويله من الحساب الجاري، وذلك بلا شك لم يكن ليحدث لولا توفيق الله أولاً ثم زيادة الإيرادات وتنويعها وضبط المصاريف وكفاءة الإنفاق. والأمر الذي يدعو للتفاؤل في كل تلك الأرقام هو انخفاض الدين العام للمملكة بنهاية الربع الأول بنسبة 3٪ من 316 مليار ريال إلى 307 مليارات ريال، والأمر الإيجابي الآخر هو أن المصروف الفعلي خلال الربع الأول بلغ 19٪ من أصل 25٪ من إجمالي الميزانية المقدّرة لهذا العام، وهذا ما يُنبَّئ بنتائج أفضل للفترات القادمة شريطة السيطرة على أثر إعادة البدلات والمكافآت بخفض وضبط المصاريف الأخرى. وبالتالي إن استمرت تلك النتائج بهذه الوتيرة من الإيرادات المتزايدة المتنوعة وبهذا النمط من المصروفات ذات الكفاءة العالية، فإن تحقيق برنامج التوازن المالي وصولاً لرؤية 2030 سيُصبِح مسألة وقت بإذن الله. دمتم بخير