تراشق الأردن و«عصابة الأسد» رسائل، لم تخل من «تهديد مبطن»، بشأن «الحل» المزمع في سوريا، وما إذا كان عسكريا أم سياسيا، تزامنا مع ميل دولي لصالح تخليص البلاد من «بقايا النظام» وميليشياته، ووسط تكهنات بانحسار الأفق السياسي لصالح عمل عسكري محدود. أردنيا، بدت رسائل «عصابة الأسد» عدائية للغاية، وفق وزير الإعلام الأردني د. محمد المومني، الذي قال- أمام «اليوم»- إنها «ادعاءات منسلخة عن الواقع»، و«من المؤسف أن يتحدث عن موقف الأردن وهو لا يسيطر على غالبية أراضي بلاده». ويرى المومني أن «حديث الأسد يدلل على حجم التقدير الخطير الخاطئ لواقع الأزمة السورية بأبسط حقائقها»، معربا عن استغرابه بأن تكون «أول دولة دعت للحل السياسي للأزمة السورية، وأقنعت العالم بهذا الحل، ستدفع الآن باتجاه الحل العسكري». بالتزامن، وطوال سنوات «الثورة السورية»، حافظ «الموقف الأردني» على «توازن حذر»، استطاع به تجاوز «تهديدات حقيقية»، أطلقتها «عصابة الأسد» وحلفاؤها الإيرانيون، مُسندا دبلوماسيته بأربعة محاور رئيسية وفق تشخيص الخبير في الشأن السوري صلاح ملكاوي. يقول ملكاوي، في حديث ل «اليوم»، إن «الموقف الأردني استند إلى: التأكيد على «الحل السياسي» في سوريا وبما يرضي مختلف «المكونات السورية»، والتمسك ب «وحدتها وسلامة أراضيها»، وأهمية تخليص الجارة الشمالية من «التنظيمات الإرهابية»، فضلاً عن رفض وجود «إيران والميليشيات الموالية» لها على حدوده الشمالية». وأولى الرسائل صدرت عن «عصابة الأسد»، وتحديدا من بشار، الذي نزع عن الأردن صفة «الدولة صاحبة السيادة»، وأحالها في مقابلة نشرتها وكالة «سبوتنيك» الروسية إلى ما يشبه «الأرض المشاع». يدعي الأسد، في مقابلته أن لديه «معلومات» بشأن «خطط لدى الأردن لإرسال قوات إلى جنوبسوريا بالتنسيق مع الولاياتالمتحدةالأمريكية»، موجها اتهاما صريحا إلى الأردن بأنه «جزء من المخطط الأمريكي منذ بداية الحرب في سوريا». وأشار الأسد ل«التركيبة السكانية» التي تعيش على جانبي الحدود، وقد حملت مضمونين اثنين: الأول: معرفة «الأسد» بالنشاط الاستخباري لعائلات الجنوب السوري لصالح الأردن، وهو نشاط استفادت منه عمان طويلا في متابعة التنظيمات المسلحة بما أسهم في ابعاد العمليات العسكرية عن الحدود، إضافة إلى رصد ومنع أي عمل ارهابي سواء كان مصدره ميليشيات الأسد وحلفائه أو التنظيمات الإرهابية. الثاني: امتلاك الأسد الأدوات ذاتها في الشمال الأردني، وهي امتداد العائلات والقبائل، والكشف عن توظيفه إياها في «أعمال استخبارية» لصالحه. العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أوضح موقف بلاده، مبينا انه يستند إلى «منع انتقال التطورات في سورياوجنوبها والحيلولة دون تهديد الأردن». يقول العاهل الأردني لدى لقاء جمعه بالإعلاميين، إن «الأردن مستمر في الدفاع بالعمق دون الحاجة لدور للجيش الأردني داخل سوريا، وهذا موقف ثابت، ومستمرون فيه، والهدف هو العصابات الإرهابية، وعلى رأسها داعش». الملك عبدالله الثاني، الذي اعترف ضمنا بوجود بلاده في العمق السوري، اعتبر هذا التحرك جزءا من سياق الحرب على الإرهاب، ليستدرك فيما يتعلق ب «الأزمة السورية» بالقول «لا يوجد بديل عن الحل السياسي، ولن يكون ذلك دون تعاون روسي- أمريكي في جميع الملفات». ولم يفوّت الملك عبدالله الثاني- في حديثه- الالتفات إلى إيران، والتأكيد أن «لا مصلحة لأحد، داخل الأمة الإسلامية، أن يرى مواجهة شيعية سنية»، مبينا أن «الخلافات مع طهران هي خلافات سياسية، تخلقها سياسات إيران في المنطقة وتدخلاتها، التي لا بد من التعامل معها». رد الملك الأردني النادر على بشار الأسد جاء في سياق تهدئة القلق المحلي؛ الذي لا ينفصل عن «مخاوف رسمية» من عمل عسكري دولي واسع في سوريا، تخشى عمّان تبعاته. «الأجندة الإقليمية والدولية»، تستند إلى أهداف محددة: إقامة «مناطق آمنة» في الشمال والجنوب السوري لحماية المدنيين، و«تدخل عسكري نوعي» ينهي جرائم «الأسد»، و«محاربة الإرهاب» والقضاء عليه، وأخيرا إحباط «الهلال الإيراني»، وفق المحلل والكاتب لقمان اسكندر. ويرى اسكندر، في حديث ل «اليوم»، أن «اهداف الأجندة الإقليمية والدولية، إذا كانت كذلك، فهي مبررة ومنطقية، وتصب وتنحاز انسانيا وسياسيا لصالح الشعب السوري، الذي بات اسيرا لدى عصابة الأسد».