شهد الموقع الإلكتروني للموسوعة الشعرية الذي يعرضه جناح هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، ضمن فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب، في دورته السابعة والعشرين، إقبالا كثيفا وحشدا كبيرا من قبل الباحثين المختصين والشعراء والقراء ومحبي الشعر والأدب من زوار المعرض. وعبر الكثيرون عن إعجابهم بهذا الجهد المعرفي الرائد، الذي يحسب لأبي ظبي، فالموقع الشعري الهام الذي يعد أول وأضخم موسوعة إلكترونية للشعر العربي، يمثل تتويجا لجهود استمرت لأكثر من عشرين عاما، بدءا بإطلاقه في نسخته الأولى عن المجمع الثقافي في أبوظبي العام 1995، ثم تمت إعادة تدشين موقع الموسوعة الشعرية بشكلها الجديد في العام 2016، وتمت إضافة زيادة نوعية إلى محتوى الموسوعة العام الحالي 2017، حيث زادت عن 3350 ديوانا شعريا، و3 ملايين بيت في 144660 قصيدة. وتعتبر الموسوعة واحة ثقافية، يثمن الشعراء الإماراتيون والعرب، من ضيوف المعرض وخارجه، دور هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة الكبير في احتضان وتوثيق روائع الشعر العربي القديم والمعاصر، ويشير الشاعر أحمد العسم، نائب رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، رئيس فرع الاتحاد في رأس الخيمة، إلى أن الموسوعة هي مشروع عربي مهم بهوية وبصمة إماراتية في الثقافة العربية أسسها -المغفور له بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه-، بما امتلكه من رؤية وحكمة وعت مبكرا لأهمية توثيق الإرث المعرفي العربي حتى قبل مواجهتنا بمخاطر العولمة وتحدياتها الثقافية الكبيرة. بينما اعتبر الشاعر ناصر الزعابي أن الموسوعة هي حلم الشعراء الإماراتيين قبل العرب، لأن الشعراء الإماراتيين وغيرهم كانوا لا يجدون منصة للتعريف بهم إلا خارج بلدهم في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، إلا أن الموسوعة أتاحت لهم منصة إلكترونية للتعريف بهم وتوثيق منجزهم الشعري وإيصالهم إلى العالمية. وعبر الكاتب الإماراتي محمد الحمادي عن تقديره العالي لأهمية هذا المشروع الثقافي الرائد في تحفيز المعرفة التخصصية لدى أجيال الناشئة والشباب الإماراتي والعربي من خلال الموسوعة كإرث ثقافي عربي خالص يعزز لديهم الهوية والانتماء مع اطلاعهم على مضامين أشعار وتجارب كبار الشعراء العرب، في عالم تتجه فيه شركات ومؤسسات المحتوى الإلكتروني إلى تغليب اللغات الأخرى على العربية، فيأتي الموقع ليغني المحتوى العربي على شبكة الإنترنت ويقدم للعالم روائع ودرر الشعر العربي. ورأى الشاعر المصري محمد إبراهيم، أن إخراج الشعر العربي في (موسوعة) هو عمل باهر، حلمنا به طيلة سنين، لكننا لم نستطع يوما بلوغه، حتى جاءت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة فحققته، ثم أعادت تحقيقه على نمط أفضل مما نتخيل، فكان الحلم خاطرا فخيالا ثم طاقة جبارة، حتى صار بين أيدينا في حُلة جديدة. مثل هذا الجهد الثقافي يستحق الإشادة به وبكل الفريق الذي عمل عليه حتى صار مؤخرا، في إصداره الأخير، على خير وجه وأكمله. حيث تضم الموسوعةُ مئاتٍ من الشعراء، مرتبة ومنسقة، بقرابة ثلاثة ملايين بيت شعري، تصل بنا ما انقطع من اهتمام بالشعر العربي قديمه بحديثه، مما يتيح لنا وللآخرين أن نقيم أو نعيد تقييم ماضينا بحاضرنا؛ سعيا إلى مستقبل واعد أكثر بالشعر العربي المعاصر. وقال إبراهيم: كما أنها تسد فراغا كبيرا تحتاج إليه الأجيال الشابة، تلك التي لا تعرف الكثير من أسرار الشعر العربي، حيث مناهجُ التعليم لا تفي، ولن أقول «منقوصة»، لعدة أسباب، منها اهتمام الجيل الجديد بثقافات أجنبية، وهو غير معيب، لكنه يحتاج إلى تغذيةٍ واجبةٍ من الأصول للفروع، ومن الجذور للسيقان، للأغصان، للأزهار، حتى نرى حصيلة مختلفة من هضم التراث، فمن لا ماضٍ له، لن يجني الخير من غده، إننا كشعراء عرب نهنئ هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة على هذا المنجز الثقافي، وقد نحلم، مثله، بمنجز آخر، يرصد أهم نماذج (السرد العربي القديم)، فله تأثير كبير أيضا على منظومة الأدب الآن، أو هكذا نطمح لاستكمال جماليات التراث العربي بشقيه، شعرا ونثرا.