(رضاب حنين) ديوان شعر صدر حديثا عن (قلم الخيال) للنشر والتوزيع للشاعرة السعودية حصة بنت عبدالعزيز، وهو الاصدار الأول للشاعرة التي يغلب على نصوصها (الطابع الايقاعي الشعري السريع) وتمسكها بأهم عنصرين من عناصر بناء القصيدة العربية (الكلاسيكية) ألا وهما: (وحدة التفعيلة) و(التقفية). وهذان العنصران يعدان ميزتين فنيتين محسوبتين لصالح الشاعرة التي ظلت ملتزمة بهما في معظم النصوص التي ضمها هذا الديوان مما يعني أنها تسعى للمحافظة على شيء من أصالة القصيدة العربية في بنيتها الخارجية (الكلاسيكية)، وفي الوقت ذاته تسعى للتفنن بالتجديد في بنيتها الداخلية، عن طريق رسم الصورة الشعرية، وانتقاء مفرداتها المعبرة، أو استخدام اللغة المجازية والتعابير غير المباشرة للخروج بمنتج شعري يمتاز بالجدة والابتكار. ولو لجأت الى شيء من التفصيل في هذه القراءة المقتضبة للديوان – على سبيل الزيادة في التوضيح للقارئ – لقلت ان ما أقصده بما سبق ذكره من (الايقاع السريع) هو اعتماد شاعرة الديوان على الجملة أو العبارة الشعرية القصيرة في السطر الواحد، باعتبار أنها تكتب (شعرا تفعيليا) ولها الحرية في أن تقتصر (عدد التفعيلات) الى أقل حد ممكن، ما دام أنها تكتب شعرا حرا (من حيث الشكل)، وموزونا ومقفى، قائما على (وحدة تفعيلات البحر الواحد) مهما قلت أو كثرت في السطر الواحد، وليس على البنية التقليدية للهيكل الخارجي للقصيدة العربية القديمة ذات الشطرين، والمحكومة مسبقا بضرورة التزام الشاعر بعدد محدد وثابت من التفعيلات، في كل شطر على حدة، كما هو معروف. يضاف الى ذلك شيوع استخدام الشاعرة - وبشكل لافت للنظر - لبحر(المتدارك) في أغلب النصوص، والذي يتسم بقصر تفعيلته الوحيدة (فعلن) مما يعطي القارئ أو السامع احساسا واضحا بسرعة ايقاع هذا البحر، الذي أطلق عليه (العروضيون القدامى) أسماء عدة غير هذا الاسم، تدل كلها على خفته، وتواتر حركاته المتسارعة، مثل (قطر الميزاب) تشبيها لصوت وقعه على الأذن بقطرات المطر، متتابعة التساقط من (ميزاب) السطوح، في المنازل القديمة، أو كما سماه بعضهم (الخبب) تشبيها لنبراته الحادة بوقع حوافر الخيول السريعة على الأرض أثناء عدوها. ومثال ذلك كثير في الديوان ولعل أبسط أمثلته نجده في نص جاء بعنوان «محراب الماضي» اذ تقول: (ذكرى.. في محراب الماضي تروي قصصا تاريخا منحوتا في الصخر بصمته في كل مكان). الديوان: ص67. أما فيما يتعلق باللغة التي اتسمت بها جميع النصوص، فقد كانت سليمة قوية وقائمة على فنيات الخطاب الشعري الحديث، القائم بدوره على التعابير الموحية والاساليب غير المباشرة في رسم الصورة الشعرية. وأكاد لا أزيد في هذ الجانب على ما قاله الدكتور وصفي تيلخ رئيس مجلس الكتاب والأدباء والمثقفين العرب بالإنابة في عمان - الأردن اذ قال ضمن مقدمة أوردها للديوان: «...ملاحظة أخيرة أرى لزاما علي ذكرها في زحمة هذا العالم الذي تأخذ حملة الأقلام فيه السرعة ويأخذهم التأنق في الصورة عن الاهتمام بسلامة اللغة، اذ قلما أجد ديوانا أو مؤلفا يحظى بسلامة اللغة ورصانة الأسلوب وبراعة التعبير وجماله في آن واحد، وهو ما تميزت به الشاعرة في هذا الديوان...». الديوان: ص12. استخدمت الشاعرة بشكل لافت بحر(المتدارك) في أغلب النصوص، والذي يتسم بقصر تفعيلته الوحيدة (فعلن) مما يعطي القارئ أو السامع احساسا واضحا بسرعة ايقاع هذا البحر.