أقامت السفارة السعودية في بيروت مؤخرا حفلًا تكريميًا للإمام موسى الصدر دعت له مجموعة من شخصيات المجتمع اللبناني بكل فئاته وأطيافه، احتفاء بدور الصدر وموقعه في المجتمع اللبناني وعلاقاته الإيجابية مع مختلف قواه وكذلك مع الوسط العربي بشكل عام. الإمام الصدر تمكن من تجسير علاقة إيجابية بناءة مع الداخل اللبناني بكل تعقيداته وتفاصيله ونسج شبكة علاقات حسنة مع الجميع، كما تمكن بانفتاحه وإيجابيته من الانفتاح والتفاعل مع المحيط العربي بكل أريحية ومودة. وهنا في المملكة كانت له علاقات وصلات ولقاءات مع كبار المسئولين كالملك فيصل والملك عبدالله - رحمهما الله- وغيرهما من رجالات الدولة. هذا الحفل يحمل في طياته رسائل إيجابية عديدة منها أن المملكة منفتحة على جميع الأطياف، وأنها مهتمة بتعزيز مشاريع الحوار ومبادرات اللقاء بين جميع الفرقاء، وأنها كذلك تدعم اتجاهات الاعتدال في المجتمعات العربية. في لبنان كما في غيره من البلاد العربية هناك اتجاهات معتدلة تقف على رأسها شخصيات تسعى وتعمل جاهدة على نزع فتيل التوتر في مجتمعاتها، وتجتهد لإبراز المشتركات وتأكيد التعددية والتنوع في محيطها. لكن مع الأسف فإن جهود اتجاهات الاعتدال هذه تضيع وسط صخب جماعات التطرف والتشدد والعداوات المنفلتة. الأطر الحاضنة لمثل هذه الاتجاهات والمبادرات لا تزال محدودة وغير فاعلة، ووسائطها الإعلامية قليلة وسط الضجيج الطائفي المتوتر. ولو يتم العمل على جمع ما يكتبه ويقوله ويلقيه أصحاب الخطاب المعتدل، وينشر بطريقة جادة وفعالة لأصبح لدينا خطاب معتدل مؤثر في الساحة. إن سيادة خطاب التطرف ونهج التشدد ومسلك الطائفية يعود في جزء منه إلى غياب أو تغييب الخطاب المعتدل والمتسامح عن الساحة في المنطقة العربية، ما نتج عن ذلك من فراغ ملأته الألسن والأيدي والقنوات التي لا تعرف للحوار منهجا وسبيلا. في عالمنا العربي نحن أحوج ما نكون من غيرنا لتوحيد الصفوف، ولم الشمل وتعزيز المشتركات، والعمل على تعزيز التواصل وتنمية العلاقات الإيجابية والوحدوية، ولهذا فإن مبادرة كهذه التي دشنتها سفارة المملكة في بيروت تستحق الإشادة والدعم، وخاصة في حسن اختيار الشخصية اللبنانيةالمكرمة.