يحتفل الأكراد في كل العالم - كشأن بعض الشعوب الشرقية- بعيد النوروز (نوي روز بمعنى اليوم الجديد) باعتباره عيدا قومياً له قيمة وقدسية خاصة عند الكردي في الأجزاء الأربعة لكردستان وفي العالم أجمع، وبهذه المناسبة يرسلون التهاني والتبريكات ولا شك أن العام 2017 كان مختلفاً، فالاحتفال بالعيد تجاوز إرسال التهاني ليشمل إرسال الأعلام الكردية ولكن هذه المرة خارج أراضي إقليم كردستان العراق التاريخي ليتمدد العلم الكردي جنوباً ويرتفع العلم الكردي على مقار رسمية في محافظة كركوك المختلطة عرقياً. قرار مجلس محافظة كركوك بالموافقة على رفع علم كردستان على المباني الحكومية في كركوك كان بمثابة إطلاق بالون اختبار لمعرفة ردود الأفعال الداخلية والدولية حيال هكذا خطوات، والتي تتمثل بخطوات الاستقلال والسير نحو الانفصال عن العراق. أكراد إقليم كردستان عبروا عن فرحهم بهذه الخطوة وخرجوا بمظاهرات لدعم الخطوة في كامل مدن الإقليم، وبغض النظر عن توجهاتهم السياسية والحزبية فإن الجميع أيدوا الفكرة واعتبروها خطوة جريئة وضرورية للمحافظة على كردستانية كركوك التي يعتبرها الأكراد «قدس كردستان». وفي النطاق الداخلي جميع الأحزاب والأطراف الكردية أيدت الفكرة ويعتبر هذا القرار من القرارات النادرة التي حصلت على دعم كافة الأحزاب، فنجم الدين كريم محافظ كركوك والذي يقف خلف هذه الخطوة هو من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ومن الشخصيات القريبة من عائلة الطالباني، ولكن بالرغم من ذلك إلا أن الحزب الديمقراطي الكردستاني عبر عن دعمه وتأييده لهذه الخطوة وأصدرت رئاسة إقليم كردستان بيانا تضامنيا مع القرار. يبدو أن القرار ليس قرارا مفاجئا؛ لأنه من الواضح وجود تنسيق بين محافظ كركوك وجميع الكتل الكردستانية لتمرير هذا القانون والموافقة عليه، وهذا القرار مهم جدا لإعطاء رسالة بأن كركوك أصبحت جزءا من الأمر الواقع وأنها تحت حكم وسيطرة كردية، وبالتالي على الحكومة العراقية في الداخل والدول الإقليمية المجاورة أن تقبل بهذا الواقع الجديد وتكيف نفسها على التعامل مع الموجود. هذه الخطوة قد تكون بداية خطوات أخرى لتعزيز كردستانية كركوك وربطها أكثر بإقليم كردستان في سبيل إنهاء المناطق المتنازع عليها التي قد تكون عائقا أمام الاستقلال مستقبلا وتصفية هذه المناطق بالكامل وجعلها تحت السيادة الكردية بشكل نهائي، ومما يساعد على هذه الخطوات هو مواقف عدد من الجهات العربية والتركمانية المؤيدة للخطوة داخل كركوك، وأيضا هناك عوامل أخرى تشجع حكومة إقليم كردستان على الاستمرار في هذه الخطوات وهي الدعم الكبير من قبل كافة الأحزاب الكردية لخطوات مشابهة من هذا النوع، وردة الفعل الضعيفة للحكومة العراقية والصمت الإيراني حيال القضية رغم أن صمت إيران قد يأتي في نطاق عمل طهران إيقاع شرخ بين العلاقات التركية مع حكومة إقليم كردستان. وهناك سيناريو رفض العرب والتركمان هذه الخطوة وخروجهم في مظاهرات بدعم خارجي، ولكن هذا يبدو صعب التحقيق، فالمواطنون في كركوك يدركون أن خطر تنظيم داعش ما زال قريبا، بالتالي فالأولى الحفاظ على الأمن العام في المدينة وتأجيل تصفية هذه الخلافات للمستقبل.