تُعيد رواية (زرايب العبيد) للروائية الليبية نجوى بن شتوان، المصنفة في القائمة القصيرة لجائزة البوكر للموسم الحالي، الى الأذهان رواية (كوخ العم توم) للأمريكية هيريت ستو. فالروايتان تتخذان من العبودية موضوعا. وتصفان بؤس أماكن سكنى تلك الطبقة المسحوقة، وشظف عيشها، وفقرها، وظروفها الاجتماعية القاهرة. أدخلتنا بن شتوان إلى عالم الرق في ليبيا خلال الحكم العثماني لشمال أفريقيا من خلال سرد معاناة الإماء المستضعفات والمنتهكات، وأضاءت جانبا من تقاليده، وقوانينه، وتشريعاته الفقهية، لكنها اتجهت كثيرا إلى سوداوية عميقة، فلا يوجد سادة طيبون في الرواية مثل جورج ابن السيد شيلبي سيد العم توم، فكلهم قساة من الجد (امحمد) الى ابنه (محمد) المحب للأمة (تعويضة) إلى التاجر (الفقي)، وليس ثمة أفق للخلاص. هناك إسراف في استخدام مفردتي (عبد) و(أسود) وفي أكثر من مرة وصفت الكاتبة بالسواد بعض أعضاء جسد الأرقاء حتى في المجتمع الذي يكون المحيط فيه كلهم أرقاء، في عقر سكناهم التي لا يشاركهم فيها أي سيد أبيض (زرايب العبيد). ومن المعلوم أن الصفة الاجتماعية المهينة تخبو في غياب صفة اجتماعية أعلى منها في السلم الاجتماعي في المقابل، وبالأخص إذا كانت صفة شديدة الوطأة كصفة العبد. هيريت ستو لم تحتج لتبدع رائعتها كوخ العم توم، الأكثر مبيعا في القرن التاسع عشر، والتي قال عنها إبراهام لنكولن إنها وضعت الأساس للحرب الأهلية الأمريكية التي لعبت فيها قضية إلغاء العبودية دورا مهما وحاسما، إلى الكثير من تلك الصفات التقريرية. تناول رواية (زرايب العبيد) أوضاعا تاريخية غابرة عفا عليها الزمن لا يقلل من أهمية تصدي الكاتبة لذلك الموضوع المسكوت عنه لفترة طويلة في المجتمعات العربية.