بعد وصول الرئيس الأمريكي ترامب للبيت الابيض وعودة الجمهوريين القوية برزت جملة من الفرص، والتي ستترك آثارها على المستقبل القريب والمتوسط للعلاقات السعودية – الأمريكية وعلى أنماط الدور السعودي الإقليمي ضد النفوذ الإيراني المتزايد وخاصة في اليمن والعراق وبشكل آخر في لبنان وسورية، وحيث منح وصول الرئيس ترامب للرئاسة تيارا من داخل وخارج المؤسسات الأمريكية فرصة لرفع صوتها بشأن تزايد تهديد ايران على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط وحلفاء واشنطن التقليديين، بل وسيناريو تبني دول أخرى للسياسة الايرانية، وفي المقابل تزامن صعود هذا التيار مع جاهزية الرياض على المستوى الخليجي والاسلامي للتعامل مع التهديد الايراني الذي وضعته كهدف أول في سياستها الخارجية منذ عامين. كان لا بد من لقاء سعودي - أمريكي أولي ليُصيغ من جديد المستقبل القريب للعلاقات بين الرياضوواشنطن بعد أن توترت العلاقة في فترة الرئيس السابق باراك أوباما، ومن هنا جاءت زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان استثنائية بمعايير كثيرة، ولعل أهمها التوقيت، تتوافق مع حماس الأمير الشاب وهو الأمر الذي حظي بتقدير أمريكي استثنائي، تمثل في كسر قاعدتين من قواعد البرتوكول الأمريكي العريق، حيث تجاوز الأمر الاستقبال الرئاسي الرسمي وبحضور نائب الرئيس الأمريكي الى دعوة الضيف الاستثنائي لغداء رسمي وهو أمر له رسائله السياسية والشخصية. بيان البيت الابيض جاء استثنائيا كما وكيفا حيث أكد أن الرئيس ترامب وولي ولي العهد السعودي بحثا مجددا تأييدهما لشراكة استراتيجية قوية وشاملة ودائمة مبنية على مصلحة مشتركة والتزام بتحقيق الاستقرار والرخاء في منطقة الشرق الأوسط، كما أعطوا تعليماتهم للبحث عن خطوات إضافية عبر نطاق شامل من الأبعاد السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية من أجل مزيد من التعزيز والتنشيط للعلاقة الاستراتيجية بين واشنطنوالرياض لخدمة مصالح البلدين، والعزم على التشاور بشأن خطوات إضافية لتعميق العلاقات التجارية وتعزيز الاستثمار وزيادة التعاون في قطاع الطاقة. وكان من المهم القول إن الرئيس وافق الامير محمد بن سلمان على أهمية مواجهة أنشطة إيران الإقليمية المزعزعة للاستقرار، مع الاستمرار في تقييم خطة العمل الشاملة المشتركة وتنفيذها بدقة وتعزيز التعاون الأمني والعسكري المستمر بين البلدين في مواجهة تنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية العالمية الأخرى، والتي تشكل تهديدا بالنسبة لجميع الدول، وكذلك تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية ومجال الطاقة بهدف تحقيق النمو والازدهار في البلدين والاقتصاد العالمي. حيث أكد البيان أن الرئيس ترامب قدم دعمه من أجل تطوير برنامج أمريكي سعودي جديد، تتكفل به مجموعات عمل أمريكية سعودية مشتركة وتطوير مبادراته المميزة في مجالات الطاقة والصناعة والبنية التحتية والتكنولوجيا بقيمة تزيد على 200 مليار دولار في استثمارات مباشرة وغير مباشرة خلال الأربعة الأعوام القادمة. الإدارة الأمريكية الجديدة تولي أهمية لتنشيط علاقاتها مع حلفائها الاقليميين للتعامل مع قضايا محاربة تنظيم داعش (في العراق وسورية) والقاعدة (في اليمن) ومواجهة النفوذ الايراني في المنطقة كمدخل لاستعادة زخم الدور الاقليمي لواشنطن. والوضع الاقليمي للرياض يتميز بالقوة والثبات، كما أن سقف مطالب المملكة الاقليمية يتوافق مع أهداف سياسة الادارة الأمريكية.