جلّ صادراتنا النفطية تذهب شرقًا، بما يقارب 70 بالمائة، وحصة الشرق تنمو باضطراد. ليس في ذلك مفاجأة، فالشرق هو الأكثر نموًا، ونموه الاقتصادي يتطلب المزيد من الطاقة، ونحن نمدهم بما يحتاجون. لم تبق المملكة علاقتها مع الاقتصادات الآسيوية الكبيرة في إطار تجارة النفط، بل توجهت توجهًا يقوم على تعميق الصلات وتكامل المصالح أكثر من مجرد الاكتفاء بتبادل السلع فقط، والفارق بين الأمرين كالفرق بين: الاستثمار طويل المدى، وبين إبرام صفقات سريعة. وقد تجلى هذا التوجه للاستثمار في علاقات إستراتيجية تحقق تبادلًا متوازنًا للمصالح المشتركة في زيارات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للعديد من الدول، ولاسيما الصين. فالزيارة الملكية التي على وشك ان تبدأ تأتي بعد نحو عام من زيارة الرئيس الصيني جينبينج للسعودية، في يناير 2016. وبالنسبة للمملكة، فالصين شريك تجاري من الوزن الثقيل كمًا ونوعًا، إذ يبلغ التبادل التجاري بين السعودية والصين 50 مليار دولار، وهو متوازن بينهما، ويبرز النفط الخام من بين السلع التي تصدرها السعودية للصين، فعلى الرغم من تحوط الصين إجمالا، ولاسيما عندما يتعلق الأمر بتأمين متطلباتها من الطاقة، إلا أنها تستورد حصة مهمة من احتياجاتها النفطية من المملكة، إذ تعتبر الصين ثاني أكبر مشترٍ للنفط في العالم بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية. وفيما يتصل بالنفط السعودي، فقد حَلّت المملكة، في شهر يناير من هذا العام، في المركز الأول لمصدري النفط للصين، إذ بلغ المعدل اليومي 1.18 مليون برميل، بارتفاع قدره 40 بالمائة عن مستويات ديسمبر 2016، وعلى مستوى سنوي فقد حلت المملكة في المرتبة الثانية، بعد روسيا، ضمن قائمة مصدري النفط الرئيسيين للصين. وتنظر المملكة لتجارة النفط مع الصين من منظور التكرير والتصنيع وليس مجرد تصدير الخام، كما أنه يبدو أن مكانة النفط السعودي ستتعزز في الصين في العام 2017، بعد أن نجحت شركة أرامكو السعودية في عقد صفقة لتزويد مجموعة شمال هواجن للصناعات البتروكيماوية (North Huajin Chemical Industries Group Corp) بالنفط العربي بالغ الخفة (Arab Extra Light)، كما أن أرامكو تسعى لتعزيز تواجدها في جنوب آسيا إجمالاً. وليس من شكٍ أن الصين أحد المحركات الرئيسة لاقتصاد العالم، إذ يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي 11.39 تريليون دولار، ليجعلها تحل في المرتبة الثانية بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية، إلا أن نهضة الصين الاقتصادية تمثل معجزة حقيقية، إذ تمكنت خلال العقود الثلاثة الماضية من أن تقفز باقتصادها كمًا وتنوعًا مراتٍ عدة، بمعدل نمو سنوي متوسطه 15.8%، إذ تجدر الإشارة أن قيمة الناتج المحلي الإجمالي لجمهورية الصين لم تكن تتجاوز 1.2 تريليون دولار في العام 2000. وحالياً، فإن الاقتصاد الصيني متنوع، إذ تقتسم الخدمات والصناعة بالتساوي تقريبا 90 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، فيما تساهم الزراعة بنحو عشرة بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. وتجدر الإشارة أن قطاع الصناعة التحويلية الصيني هو الأكبر في العالم، كما أن الصين تحل في المرتبة الأولى عالميا من حيث قيمة صادراتها، مما جعل للصين ثقلًا في التجارة الدولية، وتأثيرًا في منظمة التجارة العالمية، كما أن للصين اتفاقات تجارة حرة ثنائية مع عددٍ من الدول والتكتلات، من بينها مجموعة الآسيان.