من دراسة تقنية النانو إلى بيع الشاورما لقيت نورة الغامدي تصفيقا حارا على تويتر بعد أن عرضت (إم بي سي) قصتها في أخبار التاسعة؛ وبعد أن هشتقت أنا هذه القصة لتلقى من التفاعل والتعليقات ما تستحقه. والقصة باختصار أن ابنتنا نورة تخصصت في دراسة تقنية النانو لتعالج مرضى السرطان الذي أصيبت به والدتها وتوفيت بسببه. وبعد ثماني سنوات من دراسة هذه التقنية في الخارج عادت لتبحث عن وظيفة في المراكز المتخصصة والجامعات في المملكة فلم تجد هذه الوظيفة؛ وبدلا من ذلك افتتحت (طاولة) لبيع الشاورما على كورنيش الدمام. التصفيق الحار، المشار إليه في العنوان، عبّر عن إعجاب الناس بكونها لم تتوقف عن البحث عن رزقها رغم ندرة تخصصها الدراسي. وكانت المفارقة أنها رضيت بما تأتي به الشاورما بغض النظر عن شهادة النانو التي علقتها للزينة. لكن في مقابل هذا التصفيق كان هناك أسى بالغ لضيق مجال الوظائف على أبنائنا وبناتنا المبتعثين والخريجين، إلى درجة أن هذا الضيق شمل حتى أدق التخصصات وأندرها، فضلا عن تخصصات عامة أخرى مازال حاملوها وحاملاتها يتكففون أبواب القطاعين العام والخاص لكي يتوظفوا في بلدهم الذي يستضيف ما يزيد على 12 مليون وافد. ما قيل لنورة حين تقدمت إلى أحد المراكز المتخصصة في هذه التقنية في المملكة أن المركز قاصر على الرجال ولا يوظف نساء. وما تلقته من الجامعات، حين تقدمت إليها، أنه لا يوجد شواغر لوظيفة معيد أو محاضر. وهكذا أصبحت، كما غيرها من الشباب والبنات، أمام الواقع المرير لتتصرف على طريقتها بحثا عن الرزق الحلال في بيع الشاورما كما يفعل الكثيرون الآن لسد رمق احتياجاتهم ومعيشتهم. هناك، مهما كابرنا أو أنكرنا، خلل في مسألة توظيف السعوديين والسعوديات في وظائف تأهلوا لها ويستحقونها. وهذا الخلل لابد أن يعالج على مستوى استراتيجية وطنية واضحة وجادة، لكيلا نجد أنفسنا أمام مزيد من طاولات بيع الشاورما.