على الرغم من كونه تأمينا اختياريا، إلا أن الرأي العام اشتعل بمجرد أن أعلنت وزارة التعليم عن مشروع التأمين الصحي (الاختياري) لمنسوبي ومنسوبات التعليم، وبكل أسف معظم الآراء صورت هذا المبادرة على أنها استغلال للمعلم «وشفط» لأمواله، وهي بالتأكيد فكرة خاطئة في جانب الوعي بدور وفاعلية التأمين الصحي لأي إنسان، سواء أكان معلما أو غير معلم، ولهذا سأتناول هذه الفكرة من جوانب ثلاثة. بداية تتلخص فحوى المشروع الذي طرحته وزارة التعليم، بأنه تأمين اختياري وغير ملزم، يأتي بغرض توفير بيئة صحية عبر العناية بصحة الأسرة وتلقي العلاج والرعاية في ظروف ميسرة، وإنه يقسم إلى ثلاث فئات: الذهبي، الفضي، والبرونزي، ولكل منها سعره المختلف، ثم إنه تأمين يشمل أفراد الأسرة حسب الفئات العمرية، وهذا يدعم المبادرة وأهميتها، بحيث لم تقتصر على المعلم فقط. ما يعنيني الحديث عنه ثانيا: مدى وعينا المجتمعي بفكرة التأمين، ذلك الوعي القاصر، بدليل أننا جعلنا مثل هذه المبادرة في خانة الترف والرفاهية، وفي حكم الفائض عن حاجتنا، وهذا ما يمكننا استنتاجه من ردود الأفعال الغاضبة التي ملأت قنوات التواصل الاجتماعي عقب إعلان التعليم عن هذه المبادرة، علما بأن التأمين الصحي يتسنم أولويات الاهتمامات لدى المجتمعات المتحضرة، وهذا الوعي له ما يبرره في ثقافة هذه الشعوب نظير وعيها العميق بأهمية صحة الإنسان. بصراحة شديدة، جاءت ردود الأفعال صادمة خاصة فيما اطلق من «هاشتاقات» تخص هذا الموضوع، وفيها النسبة العليا للمشاركات من المعلمين أنفسهم، حيث فكرت نسبة كبيرة منهم في المبلغ المدفوع للتأمين وتناست الحمل الثقيل الذي سيرفعه عن كاهل رب الأسرة في معالجة من يعولهم من أفراد أسرته، وما سيؤمنه لهم من راحة في تلقي العلاج اللازم، وهذا يقودني إلى النقطة الثالثة والأخيرة وهي قد لا تعجب الكثيرين ترتبط بقضية التأمين الاختياري والإلزامي، بمعنى أن فكرة التأمين الإلزامي كانت أجدى، على اعتبار أن زيادة عدد المُؤمن عليهم يفسح مجالا أوسع من الخدمات الصحية التي ربما لا توفرها شركات التأمين في حال قلة عدد المشاركين، وتأكيدنا على إلزامية التأمين تأتي من منطلق توفر فرص الشرائح فهي تتيح فرصة اختيار الشريحة المناسبة للمُؤمِنِين، بل سأذهب أبعد من ذلك بأنها فرصة لترسيخ قيم المشاركة الاجتماعية، بشرط عدم النظر إليها كمبادرة ربحية أو تجارية أو غير مهمة، فهي العكس تماما.