لقد «أديت القسم أن أكون مخلصا لوطني وللعمل على خدمة المواطن والمقيم في هذا البلد، وسأتحمل المسؤولية عن كل ما حدث ويحدث في هذه المنطقة». بهذه الكلمات المفعمة بالشفافية وبهذا النهج المسكون بالوضوح وبهذه القيادة الإدارية والإنسانية الفريدة يواجه سمو أمير الشرقية الرأي العام والمواطنين في المنطقة ويقف أمام الإعلام بكل مسؤولية إدارية وشجاعة إعلامية منقطعة النظير. لم يكن سموه الكريم مضطرا لأن يحمل نفسه مسؤولية ما حدث بعد الأمطار الكثيفة التي شهدتها المنطقة مؤخرا وسيعذره الناس حتما كونهم يعلمون أن لكل جهة بدر منها خطأ أو تقصير مسؤولين مباشرين لديهم ميزانياتهم ومشاريعهم ومرجعياتهم الوزارية ومساحة واسعة من الوقت لتوقع المشاكل قبل حدوثها ومن ثم تلافيها في الوقت المناسب. ولكن أن يتصدى الحاكم الإداري الأول في المنطقة لأوجه القصور ويحمل نفسه المسؤولية فهذا أنموذج للشجاعة المخلصة وأيقونة للقيادة الإنسانية بالغة التأثير وهي رسائل مثخنة بالمؤشرات الإيجابية للمواطن الذي يجد أمامه مسؤولا عظيما جعل المواطن على رأس قائمة أولوياته واهتماماته، ورسالة للمسؤولين في المنطقة في أن سموه جعل مكانته العالية ومنزلته الغالية في موقع المسؤولية لكل ما حدث ويحدث في المنطقة هذه المسؤولية التي تحملها أميرنا الشهم تضع على كاهل المسؤولين كل في موقعه مسؤولية مضاعفة تتناسب، وهذا الموقف الفريد من سموه كونه تحمل هذه المسؤولية الثقيلة وتصدى لها وأبعدهم بالتالي عن الضغط من الإعلام والجمهور الذين فوجئوا بمستوى من الخدمات تحتاج إلى تحسين وإعادة نظر في قادم الأيام. ومن كلمة سموه مؤشر إيجابي آخر للإعلام بكل أوعيته وقنواته للشخصية القدوة حين تعمل وتدير وحين تتحدث وتصرح بهذه الطريقة التي لا يملك أمامها الإعلام إلا الإشادة والاحتفاء والاستفادة والتأمل من هذا الأسلوب الراقي والواضح والشفاف في التعامل مع الظروف الطارئة التي مرت بها المنطقة الشرقية. ويضيف سموه «المواطن دائما على حق والمواطن له أيضا الحق أن يعرف اجتماعنا هذا اليوم ليس للتبرير بل لمعرفة تفاصيل الأمور» وأقول: ليت كل مسؤول في كل موقع أن يضع هذه العبارة نصب عينيه وأن يجعلها نهجا له في تعامله مع المواطن وفي خدمته للمواطنين، فعبارة سموه في أن المواطن دائما على حق أرى من خلالها محبته وقربه من كل مواطن وأجد فيها مستوى عاليا ومرموقا من الإدارة المتقنة التي تؤصلها النظريات الإدارية الحديثة، فحينما يؤكد على أن المواطن/ المستفيد دائما على حق فهنا إشارة مهمة جدا، وهي أن تبذل كل الجهود وتوجه جميع الإمكانات دون كلل أو ملل أو تأخير أو تعقيد لتحقيق أعلى مستويات الرضا للمواطنين/ المستفيدين. أما حين يؤكد سموه على أن الاجتماع ليس للتبرير وإنما لمعرفة تفاصيل الأمور فإننا أمام جانبين مهمين ودرسين مجانيين أولهما أن التبرير كل يحسنه والإسقاط كل يستطيعه، وهما الطريقان السهلان والمعتادان لإبعاد القصور والتنصل من الخطأ، وحين يزيح سموه هذا السد التبريري الذي لطالما سئم الناس من مياهه الآسنة لكثرة تكراره من المسؤولين الآخرين فإنه- حفظه الله- بهذه الإشارة الذكية الرائعة يسمح للمياه أن تسير بتجدد في قنواتها الصحيحة وتندفع بنقاء في مجاريها السليمة ليجعل المواطن والمسؤول أمام وحول طاولة الأزمة بكل تفاصيلها الدقيقة. هذا أمر وأمر آخر وهو أنه ومن خلال هذا الاجتماع بالجهات المعنية يعطي سموه درسا في الحكمة والروية والتؤدة وعدم التعجل في قرارات ارتجالية متسرعة، وكما عودنا وفقه الله كان ولا يزال على قدر المسؤولية بإخلاصه وأمانته بأن جعل هذا الاجتماع لوضع النقاط على الحروف ولمعرفة الأسباب وتحليل المشاكل بطريقة علمية ولوضع خطط العمل لتفادي القصور مستقبلا، وفائدة محورية أخرى كذلك وهي الاستماع للمسؤول فلعل المشكلة تراكمية أو أنها في طريقها إلى الحل عبر خطة زمنية تم البدء في تنفيذها أو لعل الاعتمادات المالية لبعض المشاريع لم تعتمد وهنا تظهر بكل جلاء حكمة أمير المنطقة ورؤيته في معالجته لهذا الملف المهم. وتجدر الإشارة إلى أن الخطأ متلازمة بشرية والقصور صفة بشرية لمن يعمل، هذا صحيح حين يكون الخطأ غير متعمد وحين يكون القصور خارجا عن الإرادة وغير مقصود، هنا تكون الأمور في إطارها الطبيعي، بيد أن تكرار الخطأ والقصور دون أي سبب منطقي فهنا تكمن المشكلة التي تحتاج إلى حزم صارم في التوقيت المناسب. «إن كان هناك أمر يوجب الاعتذار فنحن أولى بالاعتذار» وبعد هذه العبارة من أميرنا المحبوب أقول ونحن نسعد هذه الأيام بمرور أربع سنوات على تكليفه أميرا للمنطقة الشرقية «يا جعلها تبطي سنينك أيها الأمير الشهم، وهنيئا للوطن ولنا بك».