استهل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولايته بإصدار سلسلة من الأوامر التنفيذية منذ الوهلة الأولى لدخوله البيت الأبيض؛ بدأت بقراره إلغاء برنامج الرعاية الصحية (اوباما كير)، وتلته قرارات حظر دخول مواطني سبع دول، وبناء جدار عازل على طول حدود المكسيك، ثم الانسحاب من الشراكة عبر المحيط الهادئ، والتوجيه بالبدء فورا في بناء خطوط أنابيب النفط كيستون (اكس ال).. فما هي هذه الأوامر التنفيذية وما مدى قوتها في السياسة الأمريكية على أرض الواقع؟ دعونا نوضح أن المبدأ الذي تحكم به الحكومة الأمريكية يقوم على «الفصل بين السلطات»، فالولاياتالمتحدة لديها ثلاث مؤسسات حكم مستقلة عن بعضها، هي السلطة التنفيذية ممثلة في الرئيس وحكومته، والسلطة التشريعية ويمثلها الكونجرس بمجلسيه؛ والسلطة القضائية بما فيها المحكمة العليا. وبما أن ترامب هو رئيس السلطة التنفيذية فهو مسؤول عن تنفيذ القوانين التي يوافق عليها البرلمان بمجلسيه، أما السلطة القضائية فتقع عليها مسؤولية ضمان توافق هذه القوانين مع دستور الولاياتالمتحدة. وهناك كوابح وقيود على السلطة التنفيذية «سلطة الرئيس» ومثال على ذلك يحق للرئيس الدعوة لرفع أو خفض الضرائب لكن لن يتم ذلك دون موافقة الكونجرس. أيضا لا يستطيع الرئيس إعلان الحرب على أي بلد، ولكن بإمكانه أن يأذن بعمليات عسكرية أقل من «إعلان الحرب». وعلى الرغم من أن ترامب بدا للناس انه أصدر عددا كبيرا من الأوامر التنفيذية في الأسبوع الأول من توليه السلطة، لكنه في الحقيقة لم يتجاوز ما أصدره سلفه باراك أوباما في اسبوعه الاول من ولايته الأولى في 2009 إلا بأمر تنفيذي واحد، بل إن اوباما وقع في السنوات الثماني 276 أمرا تنفيذيا. وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فإن بيل كلينتون وقع 364 أمرا تنفيذيا، ورونالد ريجان 381، وهذه مجتمعة لا تساوي شيئا اذا ما قورنت بال 3721 أمرا تنفيذيا التي وقعها فرانكلين روزفلت. ورغم أن الديمقراطيين في الكونجرس جاهروا علنا بمعارضة الأوامر التي اصدرها ترامب، لكنها وجدت تأييدا كبيرا من الجمهوريين، فقرار ترامب بتعليق تأشيرات الدخول للدول السبع، يواجه حاليا حزمة من الاجراءات القانونية المضادة، فقد أطلق الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية والمدعون العامون في خمس عشرة ولاية بالاضافة لحاكم جمهوري واحد، اجراءات قانونية لوقف هذا القرار؛ وإذا نجح أي من تلك الاعتراضات فسينتقل الموضوع للمحكمة العليا باستئناف من ادارة ترامب، وكذلك سيفعل المدعون العامون إذا لم تنجح دعواهم أمام المحاكم. يشار إلى أن الميول الأيديولوجية لأربعة من أعضاء المحكمة العليا تبدو في الوقت الراهن ليبرالية، وثلاثة منهم محافظون ويتطلب الترجيح صوتا واحدا مع وجود مقعد واحد شاغر. وهذا يعني أن أفضل سيناريو للرئيس ترامب هو حدوث تعادل في الأصوات، والذي من شأنه سيعود بالأمر التنفيذي لقرار المحكمة الاتحادية. * مصدر: ذا استريت تايمز