حان الوقت للانتقال من إدراج أدوات وأذرع الحرس الثوري الإيراني تحت خانة المنظمات الإرهابية الى تصنيف الحرس ذاته «إرهابياً»، ولعل هذه الخطوة التي عجزت عنها الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، يبدو أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تبحث اقتراحاً بالاقدام على هذه الخطوة الحاسمة بتصنيف الحرس الثوري ك«جماعة إرهابية»، بحسب ما كشف عنه مسؤولون أمريكيون في تقارير غربية. ما هو انعكاس هذا القرار على البلدان التي تمكّن «الحرس» من التمدد فيها، وهل هذا التصنيف هو أولى خطوات المواجهة الأمريكية الإيرانية أم أنه آخرها؟ نقلة نوعية يشدد السياسي الشيعي اللبناني المعارض ل«حزب الله» مصطفى هاني فحص، في تصريح ل«اليوم»، على ان «تصنيف الحرس الثوري الايراني كجماعة إرهابية هو نقلة نوعية على مستوى المواجهة بين طهران وواشنطن، وباعتبارها خطوة اساسية لابد منها لادارة ترامب اذا ارادت ان تقرن اقوالها بالفعل»، موضحاً ان «الحرس الثوري هو الجزء الأساسي من مؤسسات الدولة الرسمية وفاعل رئيس من خلال شخصياته المدنية والعسكرية والاقتصادية، وهكذا عندما يتم تصنيفه ك «إرهابي» تصنف الدولة الايرانية كدولة «إرهابية» أيضا، او كراعية رسمية للارهاب من خلال كيانات اساسية في السلطة». ويضيف فحص: «ان هنالك خطوات كثيرة قد يتم اتخاذها قد تكون مؤثرة، ولها ارتدادات ولكنها ليست حاسمة، أما وضع الحرس الثوري الايراني بعد 38 سنة على تأسيسه كمنظمة إرهابية، فذلك يمثل قفزة نوعية في مستوى التصعيد، وهو أيضا خطوة اولى وأخيرة لخيارات حاسمة، تؤسس للدخول في مرحلة الصدام الأمريكي الايراني المباشر، فعندما يتم وضع الحرس الثوري في هذه الخانة تتراجع فرص اللجوء الى تسوية او البحث عن حلول، حيث تتقلص مساحات النقاش الضروري مع طهران حول كيفية تجنب الانزلاق الى المواجهة». ويؤكد فحص أنه بحال وضع الحرس على قائمة الارهاب، تصبح كل أدوات الحرس الثوري الايراني وأشخاصه تحت الرقابة الأمريكية والمتابعة، وهذا يعني ان رموز الحرس التي تجول في العراقوسورياولبنان أصبحت أهدافاً مشروعة بغطاء قانوني، وهذا الوضع سيغيّر من قواعد الاشتباك بين ايرانوالولاياتالمتحدةالامريكية، خصوصاً في العراق، حيث هناك مجموعات كبيرة وقيادات معروفة للحرس الثوري تصول وتجول في العراق وأمام أعين الجنود والقيادات والطائرات الأميركية، متسائلاً: «في حال تم وضع الحرس الثوري على لائحة الارهاب كيف ستتعامل معهم الولاياتالمتحدة؟ ففي السابق كانت هنالك تبريرات غير مقنعة من ادارة باراك اوباما التي غضت الطرف عن النفوذ الإيراني في سورياوالعراق، حيث كانت تضع رأسها مثل النعامة كأنها لا ترى شيئاً». ويوضح المحلل السياسي «ان التحدي الجديد الان امام ادارة ترامب هو ان شخصية أمنية عسكرية بحجم الجنرال قاسم سليماني وقيادات أخرى مصنفة على اللائحة الأمريكية كأفراد وليس كمؤسسات، ولم يتعرض لها أحد في سورياولبنانوالعراق في السابق هل يمكن تحجيم دورهم ووقف تأثيرهم الميداني وتدخلاتهم في المنطقة وهم عبر العديد من خبراء الحرس الثوري الموجودين الآن في العراق، سيؤثرون كثيراً على المعركة في الموصل، وليس من السهل تجاوزهم، وقد يؤثرون سلبا على تقدم المعركة ضد داعش وفي مستقبل الاستقرار في العراق، وفي المقابل كيف سيكون رد فعل الايرانيين والجماعات المسلحة التابعة لهم على الوجود الامريكي في العراق الآن، عندما يصبح الجنود الامريكيون في العراق في خطر». تداعيات كبيرة من ناحيته، يقول الكاتب والمحلل في الشؤون الدولية الدكتور فادي أحمر في تصريح للصحيفة: ان تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة «إرهابية»، خطوة ستقدم عليها الإدارة الأمريكية ولها تداعيات كبيرة على ايران، كون الحرس الثوري ليس تنظيما عسكريا فحسب، او فصيلا عسكريا من الفصائل العسكرية التابعة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، بل هو بمؤسساته الاقتصادية والأمنية والتجارية والإعلامية وما الى هنالك، دولة ضمن الدولة الإيرانية، وبالتالي فإن تصنيفه كمنظمة «إرهابية» سينسحب على الاقتصاد الإيراني، الذي تتجدد عليه العقوبات، وسيؤثر عليه اكثر فأكثر. ويشير الدكتور أحمر الى ان الإدارة الأمريكية باتخاذها لهكذا قرار نظراً الى الاعمال الإرهابية التي تقوم بها العديد من المنظمات، فهي تنظر الى مَنْ يدعمها. ويجزم معتبراً ان «لتصنيف الحرس الثوري الإيراني تأثيرا على الدول التي زعزع هذا الحرس استقرارها، الا ان هذا التصنيف وحده لا يكفي، فهنالك خطوات عملية أبعد من هذه بكثير، اذا اردنا الحديث عن لبنان، فسيكون السؤال عن تأثير هذا التصنيف على قوة «حزب الله»، التي أصبحت شرق أوسطية الآن، وايضاً على مستوى «الحشد الشعبي» في العراق، الذي أصبح جزءا من القوة الأمنية العراقية بعدما تم التصويت في البرلمان على تصنيفه هكذا، وبالتالي اصبح جزءا من الدولة العراقية ومنظومتها العسكرية». وزاد: «لهذا لن نرى تأثيرات مباشرة وسريعة، بل هنالك مواجهة طويلة الأمد مع ايران». ويؤكد أخيرا ان «المواجهة بين الولاياتالمتحدةوايران سيكون لها تأثير على المنطقة العربية كونها ستكون غير مباشرة، وستتجلى في بعض الجغرافيات العربية إن كان في سوريا أو العراق، لهذا ستزداد حدة الصراع، وبالتالي يتوجب على الدول العربية استعادة دورها ومبادرتها».