انطلق مهرجان الجنادرية 31 الذى تنظمه المملكة العربية السعودية كعادتها السنوية في موسمه الشتوي/ الربيعي، ويستمر 15 يوما وينتهي بحفل الختام يوم الجمعة الموافق 17/2/2017. وقد قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بتوجيه الدعوة لأخيه سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير الكويت- حفظه الله ورعاه- لحضور المهرجان السنوي لسباق الهجن وهو أحد أنشطة المهرجان الغني بكل ملامح وتفاصيل تراث منطقة الخليج وما يعبر عن ثقافتها وهويتها. ويأتى هذا المهرجان امتدادا لمهرجان آخر لا يقل أهمية عنه وهو مهرجان القرين الثقافي 23 الذى تنظمه سنويًا دولة الكويت في نفس التوقيت الشتوي من كل عام والذى انتهى يوم السبت 28/1/2017. حقيقة لا أجد كلمات أعبر بها عن شعوري بالسعادة وأنا أعيش هذه الأجواء كل عام ولفترة طويلة، حيث تمتزج فيها برودة الجو بحرارة الحنين للأصالة وتعزيز مشاعر الانتماء لتراث وتاريخ الآباء والأجداد، في أجواء مهرجان القرين الذى لا يكتفي فقط بإنعاش الروح التاريخية للكويتيين وضيوفهم من دول الخليج، لكن باستضافة فرق شعبية أوروبية تقدم تراثها الشعبي من رقص وموسيقى ومسرح بهدف مد جسور التواصل الحضاري والشعبي كمسؤولية تاريخية والتزام أخلاقى يتحمله بلدنا الحبيب الكويت كمركز للعمل الانساني تحت رعاية قائد الإنسانية سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد- حفظه الله. هذا التنوع والزخم التراثي والمعرفي من فنون ومسرح وشعر وعرض للمقتنيات الأثرية وندوات فكرية وأدبية وجوائز للمبدعين وعرض كل ما هو مستجد من اكتشافات أثرية أو أعمال فنية أدبية تبرز لنا بوضوح الاهتمام الذى يوليه حكام دول الخليج لهذه الفعاليات العظيمة بهدف ربط الماضى بالحاضر والمستقبل ولترسيخ قيم الانتماء في نفوس الشباب والنشء وتنمية روح الإبداع لديهم في أعمال مفيدة لهم ولأوطانهم. مهرجان القرين الثقافي ومهرجان الجنادرية وغيرهما من المهرجانات الثقافية التراثية هي الدماء الحقيقية التي تجري في عروق الهوية الخليجية، وعلى الإعلاميين بمختلف تخصصاتهم دور كبير في إعطاء مساحة كافية لإبراز أهمية هذا النوع من الفعاليات التي تساعدنا كثيرا في الحفاظ على الهوية الخليجية وما تواجهه من تحديات في المستقبل وذلك ما لمسته بنفسي من خلال الدور الرائع الذى يقدمه معهد البحرين للتنمية السياسية الذى شرفت بتكريمه لي في المنتدى الخليجي الرابع للإعلام السياسي في نوفمبر الماضى، وكانت دورته بعنوان: «الإعلام والهوية الخليجية». أقولها بوضوح وبصراحة إننا في أشد الاحتياج في هذا التوقيت العصيب وفي ظل ثقافة التغريب التي تهيمن على حياتنا إلى ما يؤصل فينا قيمنا وتراثنا وثقافتنا التي ستظل مصدر الإعزاز والفخر لنا جميعا، فتراثنا وحضارتنا هما الحصن الحقيقي الذي يحمينا من متغيرات الزمن. هذا الحصن بمثابة الجهاز المناعي لجسد الأمة الخليجية والذي يحتاج دائما إلى ما ينشطه كى لا يذبل الجسد ويصبح عرضة لثقافات دخيلة تثبط الهمة والعزيمة في مواكبة الحياة وتطورها وتقلبات الدهر ودواهيه. على أية حال نحن على ثقة أن هذه النسخة الاستثنائية من مهرجان الجنادرية ستخرج بشكل رائع ومشرف يليق بعراقة المملكة وحنكة قائدها الحكيم الملك سلمان وبحضور شخصي للوالد سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد- حفظهما الله ورعاهما- وسدد على طريق الحق والخير خطاهما.