اختلف العلماء في تفسير لهو الحديث من قول الله: «ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين». وروي في تفسيره آثار كثيرة، فقيل الغناء الفاحش، وقيل عامة الغناء، وقيل الشرك وقيل الطبل وغير ذلك وكلها آراء غير ملزمة، إلا أن كثرة اللغط في الاحتجاج بما روي عن الصحابة والتابعين في تفسير ذلك دون معرفة صحة سنده فضلا عن معناه، دفعني لبحث أسانيدها ومتون هذه الروايات وبيان الصواب فيها باختصار بإذن الله، ومن خلال البحث يتبين ضعفها وتفصيل ذلك فيما يلي: عن أبي أمامة، عن رسول الله قال: لا تبيعوا القينات، ولا تشتروهن، ولا تعلموهن، ولا خير في تجارة فيهن، وثمنهن حرام في مثل هذا أنزلت هذه الآية ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله إلى آخر الآية. أخرجه الترمذي وقال: حديث أبي أمامة إنما نعرفه مثل هذا من هذا الوجه وقد تكلم بعض أهل العلم في علي بن يزيد وضعفه وهو شامي. قلت: هذا حديث موضوع في سنده علي بن يزيد منكر الحديث وعبيد الله بن زحر منكر الحديث أيضا ولم يلق أبي أمامة قال عنه ابن الجوزي في الضعفاء: يروي عن علي بن يزيد نسخة باطلة ضعفه أحمد، وقال ابن المديني: منكر الحديث يروي الموضوعات، وقال يحيى: ليس بشيء كل حديثه عندي ضعيف، وقال الدارقطني: عبيد الله ليس بالقوي، وعلي متروك، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات، فإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسناد خبر عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبد الرحمن، لم يكن متن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم. وأخرجه الطبراني في الشامين، والكبير من طريق بن ثوبان، عن يحيى بن الحارث، عن القاسم، عن أبي أمامة به. قلت: وهذا حديث منكر، فيه ابن ثوبان: هو عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان قال عنه أحمد: لم يكن بالقوي وأحاديثه مناكير، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال يحيى: ضعيف، وفيه القاسم بن عبدالرحمن الشامي، قال أحمد بن حنبل: روى عنه علي بن يزيد أعاجيب وما أراها إلا من قبل القاسم، وقال ابن حبان: يروي عن أصحاب رسول الله المعضلات. وأخرجه ابن ماجة عن أبي امامة قال: نهى رسول الله عن بيع المغنيات، وعن شرائهن وعن كسبهن وعن أكل أثمانهن. كما أخرج أبو يعلى شاهدا له في مسنده عن علي قال: نهى رسول الله عن المغنيات والنواحات، وعن شرائهن وبيعهن وتجارة فيهن وقال كسبهن حرام. قلت: هذا حديث موضوع فيه الحارث بن عبدالله الأعور، قال شعبة: كان كذابا، وقال أبو إسحاق: كان كذابا، وقال جرير: كان الحارث زيفا، وقال علي بن المديني: كذاب، وقال أبو زرعة: لا يحتج بحديثه، وقال أبو حاتم: ليس بقوي ولا ممن يحتج بحديثه، وقال النسائي: ليس بالقوي، وفيه الحارث بن نبهان، قال يحيى: لا يكتب حديثه ليس بشيء، وقال أحمد والبخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث وقال الدارقطني: ليس بالقوي، وقال ابن حبان: خرج عن حد الاحتجاج، وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية هذه الأحاديث ليس فيها شيء يصح. وأخرج بن أبي شيبة في المصنف والحاكم في المستدرك عن عبدالله بن مسعود أنه سئل عنها أي الآية فقال: الغناء والذي لا إله إلا هو وأخرجه ابن جرير في تفسيره من طريق أبي الصهباء مولى ابن عباس عن ابن مسعود. قلت: هذا مداره على أبي الصهباء قال النسائي فيه: بصري ضعيف. وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن مسعود في قوله: ومن الناس من يشتري لهو الحديث قال: رجل يشتري جارية تغنيه ليلا أو نهارا. قلت: هذا موقوف اسناده منقطع ضعفه الحافظ في الفتح. وللمقال بقية إن شاء الله.