حظِيت سلسلة القصص التي ألفها الكاتب الأمريكي جيف كيني، والمترجمة إلى العربية بعنوان (مذكرات طالب)، بشهرة واسعة وشعبية كبيرة بين القراء في جميع أنحاء العالم، وتجاوزت النُسخ المباعة عشرات الملايين، كما أُخرِجت سينمائيا في عدة أفلام. ففي هذه السلسلة جسد الفتى غريغ هيفلي شخصيتها الرئيسة، وتكونت أحداثُها عن يومياته المُضحِكة ومغامراته مع أصدقائه وعائلته. إن سر نجاح هذه السلسلة في اعتقادي، هو ذكاؤها في مخاطبة الفئة من عُمر الثامنة إلى الرابعة عشرة، واستثمارها لفائض فضولهم وإدراكهم اللماح للمفارقاتِ، فلهؤلاء الناشئة اليوم من الخيال والمشاعر والأفكار والاهتمامات والتساؤلاتِ ما يميزُهم عن غيرهم، فقد أصبحوا أكثر فطنة مع التقنية، بما فيها من التمكُن في إدارة اللحظة، والحرص على الجائزة الفورية، ومن ثم باتوا أسرع مللا مع القصص الكلاسيكية وأساليبها المصِرة على المثاليات، ونهايتها المتوقعة. بل إن أبناء هذه الفئة العمرية أصبحوا مختلفين من الناحية الدماغية فيزيائيا وكيمائيا، كما يذكر كتاب «سيسيولوجيا الإنترنت»، وأنهم يتغيرون باستمرار من خلال المحفزات التقنية المحيطة بهم، واكتسبوا من ذلك مميزات عدة، منها قدرتهم على القيام بمهام متعددة في الوقت نفسه. يقول جيف كيني: لقد أدهشتني حقا هذه الشعبية التي حققتها شخصية غريغ هيفلي في كلِ مكان، فقد كنتُ أعتقد أنها تمثل شخصية محددة لفتى من أمريكا الشمالية، ولكن ما أدركته هو أنني كتبتُ عن الناشئة عموما. وعندما ننظر إلى الإصداراتِ العربية لهذه الفئة، نجد أنها أقل تواضعا، وكما يقول مهند العاقوص إن أدبُ الناشئة هو أدب حديث يعاني من التحدياتِ، منها أنه لم يتأثر بالأدب الغربي مثل أدب الكبار، وظلت تقنياته وسوقه ضعيفة، كما أن الناشئة أصبحوا يُتقِنون أكثر من لغة بشكل عامٍ، وهذا مكنهم من اكتشاف ثقافات أخرى والمقارنة بين القصص ببراعة.