حث المستشار بالديوان الملكي، ووزير البترول والثروة المعدنية السابق المهندس علي بن إبراهيم النعيمي، شباب وشابات الأعمال على تحاشي الأفكار التقليدية والاتجاه إلى الابتكار، والدخول إلى عالم الأعمال عبّر مجالات جديدة غير نمطية، داعيهم لضرورة تحليهم بالنزاهة والصبر ومقاومة التحديات واتباع اساليب القيادة المرنة والاهتمام بالعاملين لديهم. وقال في نصيحة مباشرة للشباب: منذ صغري وانا أحب أن أستمر في التعلم، وهذا ما يجب ان يحتفظ به الانسان، لانه أحيانا اذا فقد الانسان الطموح، وقال إنه وصل الى مكانة ودخل مادي معين.. يسأل نفسه لماذا أعمل؟ ولكن هناك لذة عقلية تساعد الانسان عندما يعمل، وأعتقد ان التعلم المستمر ميزة أرجو الله ألا افقدها طول العمر. وكشف النعيمي، أن الدولة تسعى إلى تنفيذ رؤية تنموية طموحة، تُعلي من أهمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة، كونها من أهم محركات النمو الاقتصادي، إذ تعمل على ايجاد الوظائف ودعم الابتكار وتعزيز الصادرات، مشيرًا إلى ما فطنت إليه الدول المتقدمة مبكرًا بوضع المشروعات الصغيرة والمتوسطة على قائمة أولوياتها، مثل اليابان والولايات المتحدةالأمريكية والصين التي تُسهم فيها المشروعات الصغيرة والمتوسطة بما نسبته 60% من صادراتها إلى الخارج. مبديا تفاؤله بمستقبل المملكة الاقتصادي، لافتًا إلى أنها من أقوى 20 اقتصادا في العالم، وتمتلك رؤية طموحة وجديدة نحو مستقبل أفضل للأجيال القادمة، قائلاً: (إن تنويع اقتصادنا من أهم مقومات استدامته وبالرغم من أن النفط والغاز يمثلان دعامة أساسية لاقتصادنا إلا أن الدولة بدأت التوسع في الاستثمار في قطاعات إضافية مثل التعدين). وكان النعيمي، قد حل ضيفًا في أولى حلقات برنامج «تجربتي» لعام 2017م الذي تنظمه غرفة الشرقية ممثلة في مجلس شباب الأعمال أمس الثلاثاء 24 يناير، وحظي بحضور الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة، وزير الطاقة بمملكة البحرين، ونظمي النصر، نائب الرئيس التنفيذي بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ورجل الأعمال سليمان السحيمي، اللذين سردا مواقف شخصية وعملية جمعتهما مع النعمي، وذكريات مثيرة قال نظمي النصر عن إحداها: كان يجعلنا نصعد ال«الطعوس» وتعلمنا منه الكثير من الجد والمثابرة والعمل. كما شهد اللقاء حضور جماهيري فاق التوقعات شمل عددا كبيرا من رجال وسيدات أعمال المنطقة الشرقية وشباب وشابات الأعمال ومحبي م.علي النعيمي. وقدّم النعيمي سردًا مختصرًا لتجربته الغنية بالمواقف والأحداث: منذ أن كان طفلاً بدويًا لم تعرف قدماه النعل، وعندما عرفت قدماه النعل في بداية التحاقه بالمدرسة حملها حفاظا عليها من التلف، وتكلم النعيمي كيف انتقل من رحالة وراعي غنم يطلب الماء والكلأ إلى رجل صانع قرار على صعيد النفط العالمي وشخصية مؤثرة في منظمة أوبك والعالمية. وقال، النعيمي: ما زلت أذكر كيف قادتني الصدفة وشظف العيش، وأنا ابن الثانية عشرة، إلى العمل مراسلاً في تلك الشركة الأمريكية الجديدة (أرامكو)، وإلى الدراسة في بيروت ثم مبتعثًا إلى جامعة ليهاي في بنسلفينيا، ثم أتبعتها بدراسة الماجستير في جامعة ستانفورد العريقة، ثم العودة إلى الوطن والتدرج في العمل في مهام ومناصب وتحديات متنوعة وعديدة إلى أن وصلت إلى منصب الرئيس التنفيذي لأكبر شركة نفط في العالم. ومن المواقف الطريقة التي تحدث عنها م. النعيمي تلقيه خبر تعينة وزير للبترول قال: جرى استدعائي وأنا في مدينة ألاسكا لتلقي خبر تعييني وزيرا للبترول وكنت في رحلة صيد للسمك، وبعد معرفتي الخبر عدت للبحيرة وألقيت سنارتي فإذا بي بدب ضخم يقف خلفي لتسقط سنارتي في الماء، وأحاول الزحف بعيدا عن مخالبه لينقض على السمك الذي أصطته ويأكله جميعا. وعن الرياضة قال: مازلت أمارس الرياضة و تسلق الجبال مكنني كثيرا من انهاء اتفاقات نفطية كبرى مع تنفيذيين لكبرى الشركات في كل من كوريا الجنوبيةوامريكا كنت أمارس معهم الرياضة نفسها، وهذا كان دافعا لي في تعزيز قدراتي النفسية في مواجهة التحديات والصعاب. واستطرد النعيمي أنه عندما كان مرافقًا لأخيه في جولاته كمراسل كان يواصل تعليمه آنذاك، متحدثًا عن أمنيته في تلك السن المبكرة، التي أباح بها لمدرسه عندما سأله عن أمنيته في الكبر، قائلاً: ( أريد أن أصبح رئيسًا لشركة أرامكو)، ولكن حدث أن توفي أخوه عبدالله وهو في سن السابعة عشرة من عمره لإصابته بالتهاب رئوي، ما جعله يتحمل مسؤوليات أكبر من سنه، مشيرًا إلى الدعوة التي تلقاها حينها من أحد الموظفين بأرامكو للعمل مكان أخيه، التي أصبح على أثرها موظفًا رسميًا في الشركة. وقال النعيمي: إن المواقف المؤثرة في حياته، هو طرده من أرامكو بعد تسعة أشهر من توظيفه دون ذنب، بعد أن أصدرت الحكومة أنظمة جديدة للعمل تحظر على أرامكو توظيف من هم دون سن الثامنة عشرة، مشيرًا إلى تنقلاته فيما بعد بين ثلاث وظائف لدى مقاولين سعوديين في مجال البناء، لافتًا إلى ما تركته تجربة الطرد من أرامكو وتنقلاته بين الوظائف في مجال المقاولات، ومن ثم الطرد منهم واحدة تلو الأخرى إلى عودته لأرامكو مرة أخرى، من أثرٍ كبير في حياته بأنه أدرك ذاته عن قُرب وأنه كان فطنًا سريع التكيف وأنه كلما اعتمد على نفسه ازداد احترام الناس له. وشدد النعمي، على أهمية المورد البشري باعتباره رأس مال التنمية، ناصحًا الشباب بالمبادرة والسعي إلى الرزق وعدم الانتظار. وأضاف النعيمي في سياق حديثه أن مرحلة في حياته شكلت منعطفا جديدا، عندما نقل إلى قسم الجيولوجيا لرغبته في تعلم هذا العلم الجديد، وقال: صدمت مع انضمامي لقسم الجيولوجيا بسؤال رئيس المباشر، ماذا تريد من دخولك هذا التخصص ؟ فقلت له: إن اصبح رئيسا لأرامكو، فتم ارسالي الى الربع الخالي. وعن تجربته في العمل الحكومي قال م. النعيمي: عملت في وزارة الزراعة ثلاثة ايام فقط، بعد تقديمهم لي راتب 3 آلاف ريال، بينما كنت اتقاضى في شركة أرامكو 1600 ريال فقط، ووجدت حينها أن هناك فارقا كبيرا بين العمل في شركة أرامكو والعمل في وزارة الزراعة. وفي حديثه عن الشأن الاقتصادي قال النعيمي: يجب ان نكون متفائلين باقتصاد المملكة الذي يعد من اقوى عشرين اقتصاد على مستوى العالم لذا وجب علينا وضع اهداف طموحه ومدروسه وذات جدوى اقتصادية مقنعه وعلينا الدخول في مجالات جديدة وغير نمطيه في مجال الاعمال وعلينا المثابره والعمل الجاد خاصه في السنوات الاولى مع التحلي بالنزاهة والاستقامة في معاملاتنا وعلينا احترام وتقدير الناس الذين يعملون معنا والاهتمام بتدريبهم وتأهيلهم وتطويرهم وعلينا العمل بروح الفريق وعدم تركيز القيادة في شخص واحد مهما كانت قدراته. وأضاف: مازلت متفائلا وأرى ان مستقبل المملكة مبشر وواعد باذن الله ويستحق بلدنا الكثير من العمل والجهد والانجاز في شباب الاعمال امثالكم لا سيما ان 60% من سكان المملكة من فئة الشباب فعليكم وضع اهداف طموحة وتبني روح المبادرة والمجازفة المدروسة والدخول في مجالات جديدة وتحاشي الافكار المكررة والتقليدية واقتناص الافكار المتميزة وتحويلها إلى فرص حقيقية لمشاريع ناجحة قادرة على الانتاج والربح وكل هذا يجب ان يترافق مع ضرورة التخطيط السليم الذي يعطي الجهات المقرضة الثقة في أن اموالنا التي تستسثمر ستكون في مشروع قادر على البقاء والنمو في عصر يتسم بمنافسة ديناميكية. وعن التجارب الدولية قال م. النعيمي الاقتصاد الياباني يستوعب حوالي 66% من العمالة اليابانية تسهم ب 54 %، من اجمالي قيمة الصادرات و52 % من قيمة الناتج المحلي الاجمالي وفي امريكا تستوعب الصناعات الصغيرة والمتوسطة نحو 84% من قوة العمل ونسبة 34% من قيمة الصادرات و50 % من قيمة الناتج المحلي الاجمالي. من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة غرفة الشرقية، عبد الرحمن بن صالح العطيشان: إنه من دواعي سروره، أن تستهل غرفة الشرقية عامها الجديد 2017م، باستضافة معالي المهندس، علي بن إبراهيم النعيمي، الذي يحمل من التجارب والخبرات الكثير، ويُعد نموذجًا يُحتذى به في خدمة بلاده وتحمل المسؤولية والقدرة على تخطي العقبات وصولاً إلى الأهداف، مؤكدًا حرص غرفة الشرقية ممثلة في مجلس شباب الأعمال على عقد برنامج تجربتي بشكل دوري كل عام، إيمانًا منها بأهمية عرض التجارب الناجحة وتوثيقها لتكون مرجعًا يُسهم في تثقيف وصقل معرفة الشباب والشابات. وقال العطيشان: أن الغرفة تفخر باستضافة رجل بدأ حياته عصاميًا، كافح كثيرًا من أجل أن يُقرن عمله ومهاراته بالدراسة، متنقلاً بين المدارس الليلية والنهارية، فكان مثلاً للانضباط والحرص على إنجاز الأعمال. وأضاف: حفلت مسيرة معالي النعيمي، بتفاصيل ومحطات عدة في خدمة وطنه، فمنذ انضمامه للعمل في شركة أرامكو عام 1947م، مرورًا بتدرجه في المناصب ليصبح أول رئيس سعودي لها بين العامين 1983م و 1995م، وليس انتهاءً بتعيينه وزيرًا للبترول والثروة المعدنية فاتحاً لأرامكو السعودية آفاقاً جديدة واستراتيجيات حيوية وعملاقة، مثمنًا الجهود الكبيرة التي بذلها معالي المهندس علي بن إبراهيم النعيمي، وحري بي القول أن الرجل الذي نذر من عمره زهاء 68 عاماً لخدمة وطنه يستحق منا الكثير من التقدير والوفاء، لافتًا إلى أنه ليس تجربة إدارة ونجاح فقط، بل قصة كفاح ستظل تروى للأجيال القادمة،»قصة» ستبقى عظة وعبرة للمثابرة وصنع الذات وحب الوطن. من جهته رحب رئيس مجلس شباب الأعمال بغرفة الشرقية، مساعد بن زامل الزامل، بالحضور الأول لمعالي المهندس علي النعيمي في غرفة الشرقية لسرد مسيرةٍ حافلةٍ بالعطاء والعزيمة والإصرار، قائلاً: ( إن مجلس شباب أعمال الشرقية يفخر بهذه الاستضافة الكريمة في برنامج تجربتي أحد برامج مجلس شباب الأعمال وفي لقاءٍ استثنائي لرَجُلٍ نَقَشَ اسمه بأحرفٍ من ذهب). وتحدث الزامل عن عَمِلَ ودراسة النعيمي في وقتٍ واحد وكيف صعد السُلّمَ درجةً بعد الأخرى، وظل مفعما بالطموح، لم تثنه الظروف القاسية، بل دفعته إلى الافضل وكيف سافر وتعلم ومزج العلمَ بالعمل ليكون في مستوىً يشرف أمته ووطنه ليصبح أول رئيس سعودي لأكبر شركة نفطٍ في العالم ووزيراً للبترول، قائلاً إنه الأب والمربي والقدوة والوزير الذي نفتخر به، مؤكدًا أن تجربته مصدر إلهام لشباب آمالهم كبيرة وطموحاتهم أكبر تقودهم الرغبة لتحقيق طموحات القيادة الرشيدة بأن يكونوا الركن الأساسي لرؤية المملكة الطموحة 2030 م. وفي نهاية اللقاء قدّم رئيس مجلس إدارة الغرفة، عبد الرحمن العطيشان، ورئيس مجلس شباب الأعمال، مساعد بن زامل، هدية تذكارية المهندس النعيمي.