مع تناقل صور وفيديوهات القتل والإبادة في حلب وعموم مدن سوريا، ظلت القنوات والمواقع الإعلامية الإقليمية والعالمية في انتظار إكمال اتفاق وقف إطلاق النار، وفيما كان كل متابعيها يمنون أنفسهم بوضع حد للمجازر التي ترتكبها قوات الأسد وميليشياته الطائفية المدعومة من نظام إيران الإرهابي، وانقاذ الشعب السوري من آلات القتل والذبح اليومية التي عكستها أجهزة الإعلام وهي تغتال احلام الطفولة وأمن النساء والشيوخ، ركز الإعلام الرسمي وشبه الرسمي الإيراني، لاسيما المتشدد المقرب من الحرس الثوري الإرهابي والمرشد، على أخبار داخلية، مكتفيا بخبر قصير عن بدء سريان وقف إطلاق النار وترحيب مقتضب لوزير الخارجية محمد جواد ظريف. انتهاك صريح ل«إيران» وحسب عدة افادات، ما زالت إيران وعبر ميليشياتها تواصل انتهاك الاتفاقية كأنها لم تكتب، أو توقع، غير آخذة في الاعتبار الجانبين الروسي والتركي اللذين يمثلان الضامن لطرفي النزاع السوري، من المعارضة والنظام. وتأكيدا على ذلك، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس الإثنين: إن القصف الجوي والمدفعي استؤنف على وادي بردى، وهناك قطع لكامل الاتصالات مع الحصار المطبق على «وادي بردى» من قبل قوات النظام وميليشيات حزب الله اللبناني ومسلحين موالين للأسد وطهران من جنسيات سورية وغيرها. وبالفعل قُتل قائد بارز في الحرس الثوري الإيراني، خلال مواجهات مع المعارضة، بحسب وكالة أنباء «فارس» الإيرانية شبه الرسمية. وذكرت الوكالة، الأحد، أن غلام علي قلي زادة، الذي شارك في الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي، قُتل في معارك مع المعارضة في سوريا، دون مزيد من التفاصيل. يأتي ذلك في الوقت الذي قالت فيه مصادر محلية سورية، إن قلي زادة، برتبة عميد، قُتل في اشتباكات بين قوات النظام والمعارضة في وادي بردى، في الريف الغربي للعاصمة دمشق. في وقت سبق أن قال الجيش السوري الحر، الجمعة: إن استمرار الخروقات في وادي بردى والغوطة يضع الهدنة في خطر، لافتا إلى أن الخروقات تتم في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات الإيرانية، وأن إيران ليست راضية عن الهدنة ومن مصلحتها إفشالها. وأضاف الجيش الحر أن الهجوم على وادي بردى لا يمكن اعتباره خرقا فرديا، ولا يمكن السكوت عنه. وتابع أن الخروقات في اليوم الأول من وقف إطلاق النار بسوريا تضع روسيا أمام التحدي بتنفيذ التزاماتها، وإن دور روسيا الضامن مرهون بقدرتها على وقف تغول الدور الإيراني. كما أفادت لجان التنسيق السورية وشبكة شام بأن الميليشيات الإيرانية تقصف بالمدفعية ريف حلب الجنوبي. كما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن اشتباكات اندلعت، ظهر الجمعة، في منطقة وادي بردى شمال غرب العاصمة السورية، بعد ساعات على دخول وقف إطلاق النار الذي وقع الجمعة في أنقرة برعاية تركية روسية حيز التنفيذ. تهميش طهران ويرى محللون في الشأن الإيراني أن طهران تهمش دورها في اتفاق وقف إطلاق النار رغم تضحياتها الجسيمة في الأرواح والأموال، وأن روسيا أثبتت أن لها كلمة الفصل في قرار نظام الأسد، وهو ما كان قد حذر منه المستشار العسكري للمرشد علي خامنئي يحيى صفوي عن تعاظم الدور الروسي في سوريا. ويرى مسؤولون إيرانيون أن الروس يعملون على إضعاف دور طهران في سوريا، ويخشون من تحقيق المزيد من المكاسب لموسكو التي تمسك بكل أوراق اللعبة هناك، على حساب خسائر إيران المادية والبشرية الجسيمة في سوريا. هذا وتجنبت وكالتا «فارس نيوز» و«تسنيم» المقربتان للأمن والحرس الثوري الإيرانيين، ذكر عبارة «الاتفاق الروسي - التركي»، مكتفيتين بعبارة «وقف إطلاق النار في سوريا» دون الإشارة إلى دور موسكووأنقرة في ذلك، وهو ما يشير إلى انزعاج الإعلام الإيراني من تهميش دور إيران في هذا الشأن. ورغم مرور ساعات حساسة ومصيرية على وقف إطلاق النار في المناطق السورية، الذي قال عنه المستشار القانوني للجيش الحر إنه يشمل جميع المناطق وفصائل المعارضة ما عدا داعش، فإن «فارس نيوز» لم تذكر أي خبر عن وقف إطلاق النار، وهو الحدث الأول في الأزمة السورية. أما على مستوى المسؤولين والسلطات الإيرانية فلم يسمع حتى الآن أي تصريح للمرشد، أو قادة الحرس الثوري، أو الرئيس حسن روحاني نفسه عن وقف إطلاق النار المعلن في سوريا ما عدا ما كتبه وزير الخارجية محمد جواد ظريف على صفحته في تويتر مرحبا بالاتفاق دون إعطاء أي تفاصيل عن دور بلاده في هذا الشأن. رغم ذلك اتصل ظريف قبيل سريان اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا بنظيره الروسي سيرغي لاوروف، وهو ما نقلته وكالة «تسنيم» المقربة للمرشد دون إعطاء تفاصيل عن فحوى الاتصال ونتائجه.