قراءة أولية لميزانية الدولة التي أعلنت في الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء الموقر يوم أمس برئاسة قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- يحفظه الله- تضع الجميع أمام حقائق واضحة ومشهودة، أهمها: أن الدولة تعطي أولوية خاصة لتنميتها الاقتصادية المتصاعدة وتقليص اعتمادها الكلي على النفط والعمل على تنويع مصادر الدخل. وأرقام الميزانية تشير إلى أهمية العمل على دعم الاقتصاد السعودي وتفعيل رؤية المملكة 2030 وهو دعم يتضح من خلال الخطوات الحثيثة المبذولة عبر الشراكات التي عقدتها المملكة مع كبريات الدول الصناعية في العالم لتسريع الوصول إلى أقصى ما يمكن الوصول إليه من ارتقاء اقتصادي مأمول في سرعة قياسية، وهذا ما يحدث على أرض الواقع من خلال تلك الشراكات ومن خلال التصميم على صناعة اقتصاد حيوي جديد بالمملكة. تقليص الصرف واتباع سياسة الترشيد خلال العام المنفرط أدى إلى ثبات الاقتصاد السعودي الراهن وعدم تأثره بتقلبات أسعار النفط في الأسواق الدولية، وقد تمكنت المملكة باقتدار من تخطي أية هزة قد تحدث، وبقي الاقتصاد السعودي قويا وشامخا ولم يتأثر بتلك التقلبات التي هزت اقتصادات العديد من دول العالم في الشرق والغرب كما هو ملموس ومشاهد. وقد ساعد مبدأ التخصيص على المحافظة على النمو الاقتصادي المستدام، وكان لابد من اتخاذ سياسة الخصخصة لمعظم القطاعات دعما للاقتصاد السعودي لاسيما وأن الدولة ماضية قدما في تنفيذ رؤيتها الطموح 2030 وهي رؤية لابد معها من اتخاذ خطوات عملية وفاعلة في مجال الخصخصة كما هو الحال في العديد من دول العالم التي مرت بظروف مشابهة للظروف التي مرت بها المملكة. وجاءت النظرة الواقعية للإقدام على تنفيذ المشروعات الكبرى وفقا لشراكات المملكة مع كثير من الدول الصناعية تحقيقا لرؤيتها من أجل الحيلولة دون الوقوع في أية سلبية قد تطرأ من خلال الطفرات الاقتصادية غير المدروسة، وهذا يعني أن الداعم الرئيسي لسائر المشروعات المستقبلية سوف يعتمد على وجود احتياطات هائلة سواء من المصادر النفطية أو غيرها من المصادر. ويتبين من تلك القراءة لفحوى الميزانية أن المملكة سوف تستمر في محافظتها على استدامة اقتصادها القوي، مع الأخذ في الاعتبارالاهتمام بمصلحة المواطن على اعتبار أن الثروة البشرية في عرف القيادة الرشيدة تمثل في جوهرها الثروة الحقيقية للوطن، وهي السبب الرئيسي لتحقيق التنمية والنهضة على أسس صحيحة من أهم علاماتها استمرارية الأخذ بارتقاء الأساليب الاقتصادية الحديثة. ويتضح بجلاء أن رؤية المملكة الطموح أدت إلى التفكير جديا من قبل الشركات العالمية الكبرى للاستثمار في المملكة، ومرد ذلك الى أن المملكة سوف تشهد خلال العقد القادم وهي تترجم رؤيتها الاقتصادية الجديدة طفرة اقتصادية هائلة سوف يستفاد من إيجابياتها العديدة ومحاولة الابتعاد عن أية سلبية قد تحدث، ولا شك أن جذب الاستثمارات الأجنبية سيغدو دافعا لنمو اقتصادي ناهض من خلال سلسلة من الشراكات الكبرى. وسوف تتضاعف الإيرادات غير النفطية انسجاما مع الرؤية الاقتصادية الواثبة، لاسيما أن المملكة أضحت تحتل مراتب متقدمة ومرموقة سواء فيما يتعلق بالتحول الإلكتروني الحكومي أو المكانة الاقتصادية المتميزة أو الوصول في فترة زمنية قصيرة الى تصعيد حجم الصادرات غير النفطية أو الأخذ بمجريات إصلاحات التحول الوطني المنشود الذي بدأت المملكة في تفعيله منذ فترة. ولا شك أن أرقام الميزانية الجديدة تبشر بخير كبير سوف تعود مردوداته الإيجابية على الوطن والمواطنين، وتضع المملكة في مكانها اللائق والمرموق بين كبريات الدول الصناعية الكبرى.