عندما تكتب عن النصر والهلال فأنت تكتب عن التاريخ وليس المقصود علم التاريخ من المنظور الحضاري في التدوين التاريخي عند العرب وعن الزمان وأحواله وما إلى ذلك، إنما تاريخ مواجهة الفريقين الكبيرين الهلال والنصر. فأنت تكتب عن ليلة الرياض في سهرة كروية ممتعة يبحث من خلالها عشاق الفريقين عن المتعة والإثارة، وعندما نقول نصر وهلال فلابد أن نستحضر أهم مواجهات كرة القدم السعودية ومعها نستحضر تاريخا طويلا بين الفريقين في لقاءاتهما الكروية المثيرة، لابد أن نستحضرها ومن أشهرها 3/3 عام 1397ه ومباراة 4/4 التي كان الهلال متقدما فيها 4/ 0 ليدرك النصر التعادل في 25 دقيقة، وهدف ماجد الشهير في كأس الملك 1407ه ونهائي كأس الملك 1409ه 3/0 للهلال بأقدام المدافعين، 3/1 للنصر 1415ه دوري خادم الحرمين الشريفين وهدف محمد جحفلي الشهير 1/1، وغيرها الكثير من المباريات التي حضرت فيها الندية والإثارة. الليلة هي امتداد لمواجهات سابقة حضر فيها الهلال وكان قمرا مضيئا وتوارى فيها النصر والعكس كذلك..... الليلة هي ليلة قد ينتصر النصر لنفسه ويعيد الهلال لحسابات جديدة في سلم الترتيب لصالح المنافسة المستمرة ولصالح التقارب النقطي بينهما الذي يضفي على المباراة نكهة خاصة بأعين الأندية القريبة من الصدارة الاتحاد والأهلي، أي أن طابع الإثارة والندية في دوري جميل بدأ يأخذ منحنى آخر بين فرق المقدمة وحتى المتأخرة منها تسير على نفس النهج. في حين ينظر لها أنصار الفريقين على أنها عودة قوية للنصر للمنافسة المبكرة على لقب الدوري، ويرى أنصار الهلال أنها الانطلاقة بالتفرد بالصدارة أي أن خيار الفوز هو خيار أول لكل فريق وأنصاره وبين هؤلاء وأولئك تبرز أمور عدة لا يمكن إغفالها لكل المراقبين للقمة الكروية المرتقبة. الأمور الفنية وكل الوقائع في الجولات الماضية من دوري جميل تشير إلى أن الفوارق الفنية تصب في مصلحة الهلال المتصدر هو الأقرب لخطف نقاط هذا الديربي، عطفا على ما يضم في صفوفه من عدد كبير من اللاعبين المميزين على مستوى المملكة من الناحية الفردية أو المهارية لكل لاعب وحتى على صعيد الأجانب يتميز الهلال بثلاثي أثبت تكيفه بسرعة مع مجموعة كتيبة النجوم المحليين، لكن هناك ما يسمى الانقلاب الفني الذي قد يحدث للنصر ويكسب خصمه اللدود وهو محتمل في عالم المستديرة التي تعتمد على جزئيات صغيرة في كرة القدم، خطف كرة ثابتة أو انقلاب في موازين القوى الفعلية بظروف خارجة عن الإرادة من طرد أو إصابة لأحد نجوم الفريق أو غيرها من المفاجآت التي تحملها كرة القدم، ولعل أبرز ما تميز به النصر في الجولات الماضية قدرة لاعب الوسط فيكتور أيالا على قلب الموازين لصالح فريقه بالكرات الثابتة التي قد تهدد الهلال في المباراة. أمور عدة تحكمها مثل تلك المواجهات الكروية ذات الطابع التنافسي الخاص.. وأهمها طريقة لعب المدربين وتركيز اللاعبين داخل الملعب في تنفيذ تلك الاستراتيجيات التي يسلكها كل جهاز فني وفق ما يراه في قدرة لاعبيه على إحداث الفارق الفني لصالحه والتي تتبدل حسب ظروف اللعب وهنا تبرز أهمية كل جهاز فني في مقدرته على قراءة الآخر وسط المباراة واستغلال مكامن القوة في فريقه وتسييرها لصالحه واكتشاف نقاط الضعف في الخصم واستغلالها أيما استغلال لترجيح كفة فريقه. وما بين زوران النصر ودياز الهلال يبرز الجانب التكتيكي لكل مدرب فالنجاح لأي منهما كما ذكرنا سابقا لا يعتمد فقط على الأسلوب الذي يلعب به كل مدرب إنما النجاح الفعلي في كيفية إحداث التغيير أثناء سير المباراة باللعب الجماعي ومهام كل خط من خطوط الفريق على حدة وكيفية تنفيذ بعض الجمل الجماعية لإيقاف قوة المنافس الآخر في الملعب وأعتقد أن مهمة زوران النصر ستكون أصعب من دياز الهلال لإيقاف قوة الوسط والهجوم الهلالي.