لا يهتم العديد من الشباب والفتيات بعد انتهاء المرحلة التعليمية الثانوية أو الجامعية، وبداية المرحلة العملية ب«تطوير الذات واكتساب المهارات» يعتقدون أن انتهاء سنوات التعليم هو نهاية التعليم والبحث، الجميع يفكر عند البحث عن الوظيفة في الدخل الجيد والعمل المريح.. وآخرون يفضلون الوجاهة والارتباط بالجمهور وخدماتهم! ولو أنه حق مشروع، إلا ان سنوات الوظيفة تجعلهم يقفون أمام عقبات ويعيدون حساباتهم مرات عديدة! ويغفل القطاعان العام والخاص عند توظيف الشباب عن البحث فى ملكاتهم الإبداعية وتطويرها، وصقل مواهبهم والاستفادة منها وإيجاد خيارات عديدة لهم وإعطائهم الفرصة تلو الاخرى لكي يجدوا ضالتهم فى الانتاج والابداع! القطاعان الخاص والعام يريدان الموظف الجاهز قليل التكلفة المنضبط فقط فى الدخول والخروج والالتزام بساعات الدوام لسد احدى وظائف المنشأة فقط، إما للوصول إلى النطاق الاخضر او من أجل السعودة فقط! تقول ابحاث ودراسات وتجارب عديدة لكبار رجال الاعمال إن تطوير العنصر البشري وتحفيزه هو مفتاح النجاح لكل منشأة، لذلك عمد قلة من رجال الأعمال الى استحداث مراكز للتدريب، ووجدوا فى الشاب السعودي ضالتهم بعد سنوات من شائعة أطلقها الوافدون وصدقها المستثمرون أن الشاب السعودي غير منتج وغير ملتزم! واتضحت الرؤية بعد أن أدار كبريات الشركات فى العالم كأرامكو وسابك شباب سعودي وقادوها إلى درجات العالمية. فى القطاع الخاص لا يريد الشاب السعودي سوى الدخل المعقول وساعات الدوام النظامية والامان الوظيفي فقط، وعلى الطرف الآخر اكتشاف أماكن القوة والضعف ومواطن التميز والابداع لتستقيم الامور، ولو قامت احدى الجهات المختصة بجولة عشوائية لمواقع عمل السعوديين فى القطاع الخاص لوجدوا «حارس أمن» له قدرات فائقة فى الحاسب وتصميم المواقع ولمر عليهم آخر لديه موهبة فى اللباقة وحُسن التحدث مع الآخرين ويمتلك وسائل إقناع مميزة ولكنه يعمل فى مستودع للرجيع بالمنشأة، ووجدوا فتاة مبدعة فى التصميم وعمل المقتنيات ووظيفتها موظفة استقبال فى مستوصف أهلي! يقول مختصون إن اكتشاف المواهب وصقلها يبدأ من الصفوف الدراسية الاولى ولكن ذلك صعب على معلم مرتبط ببداية ونهاية منهج وفصول دراسية تجاوزت اعدادها الأربعين طالبا وإمكانات مدارس متواضعة. إذن يجب أن نعرف أننا تجاوزنا مرحلة التوظيف من اجل التوظيف، وفي الرؤية القادمة 2030 ستكون هنُاك فرص اكبر للشباب السعودي المؤهل والمنتج والباحث عن الخبرات المميزة وليست الخدمات الطويلة، فموظف الارشيف والصادر والوارد الذين قضوا 30 عاما وهم على «رتم» واحد ستعود خبراتهم الى ثلاثة أيام بدلا من الثلاثين، سنجد أنفسنا أمام حكومة الكترونية مكتملة وتقنيات عمل وادارة منشآت متقدمة واذا لم يساهم القطاع الخاص فى فتح مراكز متقدمة لتدريب الشباب والاعتماد بشكل كلي على أبناء البلد واذا لم تجتهد المعاهد والكليات فى سد احتياجات سوق العمل، فستعود هيمنة الخبير الاجنبي وستدور العجلة للوراء، إذا لم نبن العقول ونشحذ الهمم ونكتشف المواهب فلا حاجة لنا للمكائن ومصانع البلاستك ورسيفرات الاجهزة الفارغة، وستعشش البطالة أعواما عديدة، وسيبقى الشاب السعودي مجرد «كومبارس» وتكملة عدد.