اليوم.. نحن على موعد مع إطلاق مشروع مهم لتنمية الثروة التي بين أيدينا.. ثروة الثقافة والفكر والتاريخ، والتراث الذي نمتلك ثروة كبيرة منه، ونحن الآن في بداية استكشافه وجمع مصادره، والجزيرة العربية مهد لعدد من الحضارات المهمة، وذروتها الحضارة الإسلامية، هذه الثروة تحتاج المؤسسات المتخصصة التي تعمل على رعايتها وعرضها لأجيالنا القادمة وللعالم. خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يواصل إطلاق مشاريع الخير، فاليوم نحن على موعد مع انطلاقة (مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي)، وهو إحدى المنارات التي سوف تقدم ثروتنا الثقافية والفكرية والحضارية بالصورة التي تليق بِنَا، وبحجم تراثنا، وتواكب مكانتنا المتنامية حول العالم. أرامكو كانت رائدة صناعة البترول، وحققت في العقود الماضية المكاسب الوطنية التي نفخر بها، وستكون أرامكو قاطرة صناعة الطاقة المتنامية، ورافد صناعة البتروكيماويات، وداعم صناعة المعادن التي أطلق الملك سلمان مشاريعها في رأس الخير أمس الأول، والآن ستكون أرامكو رائدة في عصر صناعة ثروة الثقافة والمعرفة.. وقاطرة حراكها الثقافي ستكون هذا المركز المهيب الذي تلتف حوله العيون أينما تذهب في الظهران. هذا المركز سيكون مؤسسة رائدة في مشاريع الثقافة التي تتطلع إليها (رؤية المملكة 2030)، ويقوم شامخا قريبا من بئر الخير، أول بئر تدفق منها النفط، وتم اختيار موقع انشاء هذا المركز الثقافي بمناسبة الاحتفال بمرور 75 عاما على تأسيس شركة أرامكو، وفي اختيار الزمان والمكان نقدم رسالة إلى العالم أن المملكة تتحمل مسؤوليتها تجاه جميع مكونات الثقافة والتراث، والمملكة تقوم بمسؤوليتها لحفظ موروثات التراث الحضاري وإتاحتها للعالم، وما تملكه بلادنا هو جزء من التاريخ الحضاري والإنساني للبشرية، لا نملكه وحدنا، وسيكون أهم وأنجح وسيلة نتخاطب عبرها مع العالم. كما التزمت المملكة وعملت على جعل النفط ثروة متاحة للعالم وسلعة خيرها للبشرية، وسعت إلى تحقيق هذه الرؤية عبر انشاء منتدى الطاقة العالمي، الآن مع إطلاق المركز نقول للعالم مرة اخرى: إننا نعرف مسؤوليتنا ودورنا تجاه الثقافة العالمية، فالسعودية ليست بلد النفط، وبالنفط وحده لن نعيش. والاهتمام بالثقافة يعود إلى السنوات الأولى لتأسيس أرامكو، فإصداراتها الثقافية ما زالت الأجيال المخضرمة تتذكرها بالاعتزاز والتقدير، وأرامكو لديها أرشيف ضخم نتمنى جمعه وإخراجه من جديد ضمن مشاريع المركز الجديد. لاستدامة المركز، نتطلع إلى ايجاد (صندوق وقفي) لهذا المشروع العملاق، وربما نجدها فرصة للدعوة لتخصيص 15 (خمسة عشر مليار ريال) من المبلغ الذي وافق الملك على تخصيصه من احتياطيات صندوق الاستثمارات العامة، فالصندوق الوقفي ضروري حتى يدعم الاستثمار في المشاريع الثقافية ذات القيمة المُضافة، ويدعم تنمية قطاع حيوي لاقتصادنا وهو قطاع الثقافة والتراث والسياحة، ويضمن استمرار مشاريع المركز وعدم تعثرها. المركز مؤسسة وطنية ننتظر منها دعم شبابنا وتمكينهم من صناعة المعرفة، كما أن المركز بإمكاناته التقنية المعقدة يحتاج نفقات كبيرة للتشغيل والصيانة. كما نرجو أن تدرج المؤسسات العامة والخاصة التي تهتم بصناعة المعرفة ضمن ميزانياتها مبالغ مخصصة لمشروعات الشباب الثقافية والإبداعية تنفذ بالتعاون مع مركز الملك عبدالعزيز العالمي. المشاريع التي يتطلع المركز لها طموحة وواسعة، فالأنشطة والبرامج تتوزع على مجالات حيوية، ومن أهدافه الأساسية تمكين الشباب في صناعة المعرفة، وأرامكو تعمل منذ سنوات على الاستعداد لإطلاق مشاريع المركز العشرة الرئيسية. كما كانت بئر الخير التي تدفقت بالظهران قبل سبعة عقود وأطلقت ثرواتنا النفطية.. اليوم يبدأ إنتاج إحدى الآبار الرئيسة لثروتنا الثقافية والحضارية، بئر الخير الثانية.