يتعرض كل منا في حياته اليومية إلى مواقف معضلة تسبب له حيرة أو اندهاشاً أو تحدياً، أو عائقا عن تحقيق أهدافه، ويطلق على هذه المواقف لفظ «المشكلة» ويحتاج حلها إلى بذل جهد معرفي ومهاري، ويعرّف المختصون المشكلة بأنها: «موقف يحول بين الفرد وتحقيق هدفه، فيؤدي إلى اختلال التوازن لدى الفرد، أو أنها سؤال أو موقف يتطلب إجابةً أو تفسيراً أو حلاً». إن أسلوب حل المشكلات Problem Solving Style يمثل نشاطاً يمارسه كل إنسان طوال يومه، وهو بصورة عامة سلوك يحتاجه كل شخص يواجه العقبات، لكن النجاح في حل المشكلة رهن بما لديه من مهارة وحكمة. ومن هنا كانت مهارة حل المشكلات من أهم مهارات الحياة، يقول نوون (Noun)): «لكي تنجح في العمل والحياة يلزمك العديد من المهارات، ولكن المهارة التي تجابه كل التحديات هي القدرة على حل المشاكل.. لأن المشاكل موجودة في كل مكان، ولا شيء يخلو منها، والتحديات الجديدة والهموم والقلاقل والفرص تواجهنا كل يوم». وحين يقع الواحد منا في مشكله؛ فإنه يقع تحت تأثير حالة من التوتر والاضطراب. وهذا طبيعي، لكن حين يريد تحديد الموقف منها والتعامل معها، فإن عليه أن يتحلى بالهدوء حتى يستعيد توازنه العقلي والنفسي المطلوب للوصول إلى حل جيد، والمشكلة في معظم الناس- كما يقول ويل ديورانت Will Durant- أنهم يفكرون بأمنياتهم أو بمخاوفهم بدلاً من أن يفكروا بعقولهم. ومهارة حل المشكلة تتم خلال هذه الخطوات: 1- حدد المشكلة، ما أعراض المشكلة وأسبابها؟ ما الضرر أو الألم الذي تسببه هذه المشكلة؟ ما الفجوة الموجودة بين واقعنا وبين ما نأمل في الوصول إليه؟ 2- ضع حلولاً بديلة: ما كافة الطرق الممكنة لحل هذه المشكلة؟ إن هذه الخطوة يمكن أن تستفيد من التدفق السلس للأفكار وهو ما يعرف ب (العصف الذهني). لا تحتبس نفسك أمام بديل وحيد، وفكّر خارج الصندوق، واحذر أن تستخدم العنف في إنهاء مشكلة، وإذا كانت أداتك الوحيدة هي المطرقة، فاعلم أنك سترى كل مشكلة كمسمار صغير. 3- ضع المعايير التي ستقوم على أساسها باختيار الحل: ما المعايير التي يجب أن يلبيها هذا الحل الجيد؟ هل الحل ممكن أو شديد الصعوبة: وفي الحديث «لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه: يتعرض للبلاء لما لا يطيق» صحيح الجامع 7797. وابتهل إلى الله بالدعاء: «اللهم لا سهل، إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا» [رواه أبو داود]. وهل الحل يتعارض مع مبادئ الشريعة، وفي الحديث: «أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب خذوا ما حل ودعوا ما حرم» صحيح الجامع 2742. وادع الله أن ييسر لك أبواب الحلال: «اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك» [رواه الترمذي]. 4- اختر حلاً: أي الخيارات التي وضعت تلبي متطلباتك؟ حدد إيجابيات أي خيار أو بديل. ولاحظ السلبيات المحتملة. 5- ضع خطة لتنفيذ الحل: ما هي الموارد التي تحتاجها لتنفيذ هذا الحل؟ والجدول الزمني للتطبيق. 6- نفذ وقيّم الحل: كيف يسير تنفيذ الحل؟ هل النتائج الفعلية متطابقة مع النتائج المتوقعة؟ هل نستطيع أن نتغلب على هذه العوائق؟ وإذا لم يكن باستطاعتنا ذلك هل نحتاج إلى حل جديد؟ شبابنا هم الفئة الأكثر حاجة لتعلم مهارة حل المشكلات الحياة، ويأتي هنا دور البيت والمسجد والمدرسة والجامعة. ونؤكد على أهمية التعليم المبني على حل المشكلات Problem Based Learning، اختصارا (PBL) وهو عبارة عن استراتيجية تدريس تعتمد على مواجهة الطلاب بمشكلات في أطر معينة ثم يطلب منهم ايجاد حلول مناسبة لها من خلال توفير بيئة تعليمية تكون المشكلة فيها الموجه الأساسي للعملية التعليمية، حيث تطرح المشكلة أمام الطلاب قبل عملية اكتسابهم المعلومات اللازمة لحل تلك المشكلة. وهو من الطرق التعليمية التي تنتهجها الكثير من الكليات العالمية. عزيزي القارئ، ليست هناك مشكلة بلا حل وليس هناك حل واحد للمشكلة وعليك ان تختار الحلول وتوافقها مع إمكاناتك، فكن جزءاً من الحل لا جزءا من المشكلة. وانظر إلى المشكلة على أنها فرصة سانحة لك لتبذل قصارى جهدك وتكتشف آفاقا جديدة في داخلك وفي المحيط الذي تعيش فيه.