ماذا يعني انتخاب رئيس في لبنان؟ نحن كسعوديين، أجزم بأن أغلبنا، حكومة وشعبًا، عندما ننظر لأوضاع الدول العربية والإسلامية، ننظر لها أولًا من مصلحة شعوبها، ويهمُّنا استقرارها وحياتها الكريمة. وهذا تقريبًا ما نتطلع إليه في لبنان بعد انتخاب رئيس توافقت عليه الأطراف السياسية. أيضًا يهمنا أن يكون لبنان بلدًا مستقلًّا عن أية هيمنة سياسية. في سنوات مضت اختلفنا وتصالحنا بشكلٍ كبيرٍ مع سوريا لأجل مصلحة لبنان، وجاهدنا لنقف على مسافة واحدة بين الفرقاء حتى ندعم التنوُّع السياسي والمذهبي في لبنان؛ حتى نقول للعالم إن إسرائيل تكذب على العالم عندما تقول إن العرب يرفضونها لأنهم يرفضون التنوُّع والتعدد المذهبي والسياسي. الرئيس الجديد ميشيل عون نتمنى أن يضع مصلحة لبنان العليا هي الأساس، وفي كلمته وعد بأن يُحقق ذلك ويحمي العملية السياسية الدستورية، ويحفظ عمل مؤسسات الدولة، وهذا ما كنّا نريده. المهم أن تستمر العملية السياسية والديمقراطية حسب الدستور الذي اتفق عليه اللبنانيون. والسؤال: هل يستطيع الرئيس تحقيق ما وعد به؟ إذا أراد تحقيق (عروبة لبنان) فإن هذا يعني معاداة ومفارقة الحليف السابق حزب الله، حتى لو أراد الرئيس عون عدم الانقلاب عليه، واستمر في التفاهم أو التحالف معه. مبدأ حزب الله يرفض المساومة على مصالح إيران، فالحزب مؤسسة سيادية إيرانية تعمل في لبنان، وهنا تبدأ مشكلة الرئيس مع عروبة واستقلال لبنان. السياسيون اللبنانيون كانوا يقولون إن سوريا لا يمكن أن تَحكم لبنان، ولبنان لا يمكن ان يُحكَم بدون سوريا. الآن حزب الله جعل إيران هي البديلة لسوريا، ف»الملالي» في طهران لن يدَعوا الرئيس يحكم بعيدًا عن مصالحهم. لذا، مصاعب لبنان سوف تستمر إذا لم يتكاتف اللبنانيون ويقفوا بحزم وصدق مع النفس ضد عبث حزب الله وتدخُّلاته. ولكن إذا أرادوا ذلك فالمخاطرة كبيرة، فهذا يعني انطلاق حرب أهلية جديدة، وسوف تجد إيران في هذه الحرب فرصة ذهبية لكي يتقاتل العرب، سُنَّة ومسيحيين وشيعة، وهذا يُحقق أهداف المشروع الإيراني في المنطقة، والذي يسعى لتقويض الدولة حتى يبني مشروعه على الخراب، وقد نجحت مساعي الملالي وتفاهماتهم مع حليفهم الأمريكي في العراق عندما ساعدت المحتل الأمريكي على تقويض مؤسسات الدولة والنتيجة كما نراها الآن. إيران تسيطر على العراق! وفي لبنان خربت العملية السياسية عبر العملاء، وبالتالي أصبح نصر الله هو الرئيس المتصرّف في لبنان، وفي اليمن استهدفت عبر الحوثيين دمار وخراب الدولة، وفي البحرين وفي غيرها سعت لإحداث الخراب.. وكان هدفها خراب الدولة. في ظل هذا الوضع السياسي المختطف، لن تكون مهمة الرئيس والحكومة سهلة لانتشال لبنان من ركام المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتركة الديون المالية الكبيرة، ووجود العدد الكبير من اللاجئين السوريين. العارفون بالشأن الداخلي اللبناني يتوقعون انهيارًا واسعًا للدولة؛ إذا استمرت الأوضاع تأخذ المنحنى السلبي الحالي، وهل المنطقة تتحمَّل المزيد من الدول المنهارة؟! المؤسف المؤلم أن نقول إن هناك مَن ينتظر هذا الخراب ليبني عليه!