من باب السخرية، كان يقال لمن يقف في وسط الطريق ويسد على غيره الدرب: «وين يا حبيبي.. لا يكون شارع الوالد؟». تطورت المسألة.. ولم تعد حكرًا على دروبنا الضيقة في حقبة الطفرة الأولى.. فاليوم هناك مستشفى الوالد، وجامعة الوالد، وإدارة عامة للوالد أيضًا، إلى غير ذلك من أصناف التواجد في القطاع الحكومي وشبه الحكومي. سؤالنا المتكرر حول أسباب تعثر التوظيف للمؤهلين من شباب الوطن طالما راوح مكانه. ومع بروز نداءات متكررة نتج عنها ظهور برامج مكلفة للتوظيف المبني على الكفاءة.. لا يمضي وقت طويل حتى تتكشّف أمامنا حالات جديدة من التوظيف العائلي الذي يقتصر على الأقربين. هذا هو ما يسد الطريق على الكثير من مشاريع التوظيف الرامية في نواياها إلى التصحيح.. والتي أهدرنا عليها عشرات الملايين دون طائل قد يدفع للقول ان المهمة أنجزت! السيناريو في هذه الحالات التي تظهر هنا وهناك والمؤدية إلى تعثّر التوظيف كالتالي: فلان ابن فلان تقلّد منصبا قياديا ضخما، البقاء في هذا المنصب يحتاج إلى تحشيد دائرة من الأوفياء الملتزمين بنقل الأخبار وما يقال عن قريبهم في المنشأة، فيطمئن القيادي. وحتى إذا انتشر الخبر أن للقيادي أقارب هنا وهناك.. التزم الجميع الصمت من باب الوقاية خير من الفصل.. أو النقل.. وذلك أضعف الإجراء. مهلا.. هل تظنون أن القطاع الخاص بمعزِل عن هذا؟ لا.. أبدًا، فهناك شركات عملاقة والتوظيف فيها مضمون بالقرابة أو حتى الميانة. فمسألة فيتامين ال(واو) طالت الحكومي والخاص، دون تمييز، ولا تتطلب المسألة أكثر من جلسة عائلية لحل كل المشكلات المتعلقة بالبطالة، وفي نهاية المطاف كله عند العرب توظيف. وفي البيت يكون السيناريو حول مائدة العشاء كالتالي: الأب: أنت وش خلصت من دراسة يا ولدي؟ الابن: ثانوي يا بابا.. ومعاها كم ساعة في الجامعة. الأب: براڤو.. براڤو يا ولدي! بكرة تروح لأبوعلي.. تسلم عليه.. وتستلم وظيفتك الجديدة، لكن الله الله بالجد والاجتهاد.. أبيك تبيّض وجهي. الابن (في خجل): بابا.. خويّاي بعد لا تنساهم تكفى! الأب: لكن يا ولدي.... الابن: أوعدك يا بابا نبيّض وجهك كلنا. الأب: أجودي يا ولدي مثل أبوك وجماعتك.. أجل خذ معك 3 من خوياك.. ولا تكثّر.. أنا مواعد عمّانك وعماتك بوظايف لعيالهم.. والشواغر محدودة!!