لا يمكن للوسط الاقتصادي الدولي تجاهل ما قامت به بلادنا من إصلاحات، إصلاحات كان يعتقد الكثيرون أنها مجرد طموح لا يمكن تنفيذه. لم يكن بإمكان الوسط الاقتصادي الدولي تجاهل قدرة الدولة على إحداث التغيير في زمن وجيز. فرض رسوم الأراضي البيضاء، رفع الدعم التدريجي عن القطاعات الصناعية التي استفادت منه لعشرات السنين، رفع البدلات لغير مستحقيها، تقديم خطة متكاملة وشاملة لعام 2030م، ووقف هدر مالي تجاوز ال100 مليار ريال، وغير ذلك الكثير مما يؤكد قدرة الدولة على إحداث التغيير، كما يدل ويعكس عمق الوعي لدى الناس الذين تجاوز واقعهم تقبل الفكرة ليكون متبنيا لها دافعا لمزيد من هذه الإصلاحات. لا يمكن بأي حال للوسط الاقتصادي الدولي تجاهل هذا الأمر، وهذا انعكس بتغطية السندات الحكومية المطروحة دوليا بأكثر من 300%. ما أجمل هذا الرد على وكالات التصنيف الدولية التي خفضت تصنيفنا الائتماني والتي في الواقع لم تخفض إلا من مصداقيتها المضروبة في الأساس منذ أزمة الرهونات العقارية التي لم تعلق حتى جرس إنذار ولم تتوقع حتى حدوثها. وكالات تصنيف مسيسة، ومتآكلة وترى بعين واحدة وخصوصا حين يتعلق الأمر بنا. نعم، تمت التغطية بنجاح، لأن بلادنا تملك القدرة على إحداث التغيير، فكم من دولة أوروبية عجزت وفشلت في إحداث بضع ما قمنا به، لأن الدولة لا تستطيع، ولأن الشعب لا يملك الوعي للتقبل. دول انتهى بها المطاف للإفلاس، دول تدعي التقدم، ومصارفها منغمسة في تمويل الإرهاب، وأنظمتها الرقابية والقضائية تمر على ذلك مرور الكرام، دول عاجزة، فلينظروا لنا وليتعلموا كيف يتم الإصلاح دون أن تتخلى الدولة عن منظومة الأخلاق والقيم التي تحتم مد يد العون للمحتاج حتى يقوى ويكتفي. الإصلاح ليس خطة، وليس فرضا، وليس إحصاءات يتم ترصيصها وفق أهواء من أعدها. الإصلاح إرادة وعزيمة يحفها وعي عميق بضرورة التغيير والمواكبة لكل جديد، الإصلاح أسلوب حياة طموح لا يعرف الكلل والملل ولا يمكن لأي صوت وأي قوة إحباطه أو النيل منه والتآمر عليه. الإقبال على السندات الحكومية التي طرحت مؤشر على إعجاب العالم بما تم إنجازه في الفترة الوجيزة الماضية. وثقة مطلقة في قدرة الدولة والشعب على الإنجاز ومكاشفة الذات بنقاط الضعف ومن ثم الإسراع في إصلاحها مهما كانت الصعوبات والتضحيات. المستقبل مشرق والعالم يراهن على نجاحنا، بعد أن أثبتنا لأنفسنا قدرتنا على إحداث التغيير. ما زال المشوار أمامنا طويلا، ولكن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة. موعدنا 2030م، حينها سنضحك كثيرا، أما الأعداء فكما هم دائما، يرددون ما لا يتجاوز حناجرهم وأحلامهم وأهواءهم. أعداؤنا يمكرون، وليس لهم سوى تقبل مستقبلنا الذي سنكون فيه مؤثرين لا متأثرين، هذا دورنا التاريخي الذي استخلفنا الله عليه، وهذا ما سنكون.