في بداية كل عام دراسي تتردد شكاوى الطالبات من منع بعض الكليات حمل الأجهزة المحمولة والتعامل معهن كأطفال، أو كمدانات حتى تثبت براءتهن، كما نسمع أيضاً تذمراتهن بشكل واضح من خلال مواقع التواصل الاجتماعي بالمطالبة بمساواتهن بالطلاب الذكور على أقل تقدير، وتظهر الشكاوى عادة في هاشتاقات بعض الجامعات التي تسعى لعملية التفتيش الأمني ومصادرة الجوال، وكذلك نسمع معاناتهن مع تبديل الشرائح اليومي والتي تظهر على هيئة نكات أحياناً لا تخلو من خفة دم هذا الجيل (اللذيذ). فيما يدخل على الخط طبعاً تجار الأجهزة بنشر صور الاعلانات في نفس الهاشتاق معلنين عن الحل السحري وعن أجهزة هاتف بألوان وردية خاصة ببنات الجامعة والزواجات والحفلات والاجتماعات المغلقة تدعم جميع التطبيقات ما عدا الكاميرا المحرّمة. علاقة الانسان بالتكنولوجيا تسير بعلاقة طردية حيث إنه لن يتنازل عن هذا المكتسب العلمي الانساني بأي حال من الأحوال، وفهم هذه العلاقة هو بالذات ما دعا المقام السامي عام 2004م للموافقة القاضية بإلغاء الحظر المفروض على بيع واستيراد الجوالات المزودة بالكاميرا في ذلك الوقت، لأن منعها يعني أن نكون خارج المنظومة التقنية الجديدة التي تربط العالم بعضه ببعض. ونرجو الا يفهم من ذلك اننا نؤيد الجوال في يد الطالبة أو نرفضه ولكنها مجرد استفسارات تدعو للتفكير بشكل أكثر عملية وجدية، فليس من الممكن في ظل هذا العالم التقني والتكنولوجي المتسارع أن نوقف تلك العجلة بضغطة أصبع، لأننا إن اصطدمنا بها وحاولنا إيقافها فبإمكانها أن تدهسنا بشكل أسهل، لأنها ببساطة أسرع منّا وأقوى. نحن نعلم تماماً أن القوانين لا تسنّ إلا لتنظيم حياة البشر وذلك لوجود فئة من الناس لا تريد الالتزام وتقاوم فعل الانضباط، وتفضّل ممارسة الحرية بكل أشكالها، وهذه الحرية التي يفترض أن تنتهي مع بداية حرية الآخرين ما زالت تعاني من اضطرابات وحدود غير مفهومة للبعض، ومنع الجوالات المحمولة المزودة بالكاميرات مثال على ذلك، حيث تعتقد معظم هؤلاء الطالبات أنهن مستهدفات باجراءات التضييق عليهن باستخدام هذا النوع من الهواتف داخل الحرم الجامعي، وأن المجتمعات الأخرى لا تنظر بأي حساسية تجاه وجود هاتف محمول في جميع الأماكن. مع كل الآثار السلبية التي نعرفها عن جوالات الكاميرا، إلا أنه علينا إدراك كيفية العيش والتعايش مع هذا العالم التقني الذي يفرض ذاته يومياً ويتسلل إلى حياتنا بمختلف أدواته وأجهزته التي لم نعد نستطيع الاستغناء عنها.