على مدى العقود القليلة الماضية، حاول بنك اليابان المرة تلو الأخرى رفع أسعار الفائدة فوق مستوى الصفر، فقط ليكتشف بأن الالتزام بمستوى الصفر له دفع جاذبي قوي بشكل خاص. على الرغم من أنني آمل بأن تكون التدابير الجديدة التي أعلن عنها قبل حوالي أسبوعين تدابير ناجعة، لكن التجربة السابقة لبنك اليابان تقدم درسا مهما إلى البنوك المركزية في كل مكان. عندما تكون أسعار الفائدة قريبة أصلا من الصفر، يعلم الجميع أن البنوك المركزية لا يمكنها فعل الكثير لمحاربة الصدمات السلبية التي يمكن أن تحدث. والشعور بالضعف يجعل أي خوف من حدوث الانكماش أكثر احتمالا لأن يصبح ذاتي التحقق، في الوقت الذي يقوم فيه الناس والشركات بخفض الإنفاق. مع هذه الجرجرة المستمرة من المخاطر السلبية، يكون الهروب من المستوى المتدني عند الصفر أشبه بمحاولة مغادرة كوكب المشتري وليس كوكب الأرض: لأنه يتعين على الصاروخ الاقتصادي أن ينطلق بسرعة أكبر بكثير. (حتى يتمكن الصاروخ من مغادرة كوكب الأرض، لا بد له من الانطلاق بسرعة ابتدائية مقدارها 11.2 كيلو متر في الثانية. لكن حتى يتمكن من الإفلات من كوكب المشتري، فلا بد له أن ينطلق بسرعة ابتدائية مقدارها 59.5 كيلو متر في الثانية.) التشبيه هنا ينطبق على الاحتياطي الفيدرالي في الولاياتالمتحدة. صحيح أن الاحتياطي الفيدرالي انطلق من الحد الأدنى الذي فرضه على نفسه بنسبة ربع نقطة مئوية في ديسمبر الماضي. لكن هذا ليس أكثر من مجرد إشعال الصاروخ. إذ لا بد له من المرور عبر كثير من الأطوار قبل أن يكون الإطلاق ناجحا. أظهر الاحتياطي الفيدرالي القليل من التقدير لتلك القوة الجاذبة نحو الأدنى بعد اجتماعه الأخير المتعلق بتقرير السياسات هذا الأسبوع. في التوقعات الاقتصادية التي صاحبت قرار أسعار الفائدة الأخير، أشارت مجموعة كاملة مكونة من 14 من بين المسؤولين ال 17 إلى أن إدخال زيادة أخرى في أسعار الفائدة في العام 2016 يمكن أن تكون مناسبة - في وقت يتوقعون فيه أن تبلغ نسبة معدل التضخم 1.3 بالمائة، أقل بكثير من هدف البنك المركزي الذي تبلغ نسبته 2 بالمائة. قالت رئيسة المجلس جانيت ييلين إن الاحتياطي الفيدرالي لن ينتظر ليحصل التضخم فعليا قبل إدخال الزيادة المقبلة في أسعار الفائدة، ما يوحي بأن الخطر المتوازن المتمثل في تجاوز أو عدم تجاوز الهدف يمكن أن يكون كافيا. يمكن أن يكون النهج الذي يتبعه الاحتياطي الفيدرالي منطقيا إذا كان يحاول إطلاق الصاروخ الاقتصادي الأمريكي من كوكب الأرض. أما إطلاقه من كوكب المشتري، في المقابل، فإنه يتطلب الانتظار حتى يولد محرك الاقتصاد المزيد من الزخم. وبشكل محدد، ينبغي على الاحتياطي الفيدرالي أن يتعامل مع مخاطر التسارع في الاقتصاد على قدم المساواة مع الجوانب الإيجابية. وينبغي على التضخم الأساسي العودة مرة أخرى إلى نسبة 2 بالمائة. وينبغي على توقعات التضخم ذات المدى الطويل أن ترتفع مرة أخرى لتصل إلى مستوياتها التاريخية، أو حتى لمستوى أعلى. أشار الاحتياطي الفيدرالي إلى أنه يرغب في رفع أسعار الفائدة بشكل تدريجي أكثر مما حدث في أية دورة تشديد خلال السنوات الثلاثين الماضية. لكن يتعين عليه بدلا من ذلك التوقف حتى تصبح الظروف الاقتصادية قوية جدا لدرجة تحتاج فيها لرفع أسعار الفائدة وبشكل سريع - على الأقل بالسرعة التي شهدها في العام 2014، أو حتى بقدر سرعته في العام 1994. لا يمكن أن يتوقع الاحتياطي الفيدرالي أن يزحف من أجل الخروج من كوكب المشتري. فهو سيهرب من القوة الجاذبة لمعدل الصفر فقط من خلال حدوث توسع اقتصادي قوي.