أياً كان المشروع أو المهمة فإن نجاحه مؤشر لا يمكن تجاهله عند قياس نجاح أو فشل الإدارة، لكن الواقع أن عمليات الإدارة أكثر تعقيداً من ذلك، ونجاح أو فشل المشروعات ترتبط بعوامل كثيرة، وهي التي تؤدي لنجاح الإدارة في مشروع وفشلها في آخر فكيف يمكن تقييم أداء الإدارة إذن؟. محاولة إيجاد جواب لهذا السؤال طُرح ومازال أكاديمياً وفي أوساط الممارسين للإدارة، بل إن طريقة التعامل مع فكرة فصل نجاح المدير عن فشل المشروع أوجدت مفارقات، منها مثلاً أن بعض المدراء يستمرون في الارتقاء في السلم الوظيفي بقدر فشل المشاريع التي يتولونها بينما يحدث العكس مع بعض مدراء المشروعات الناجحة. ما يحدث هنا أن القائم على التقييم توصل إلى قناعة بأن المدير نجح في البرهنة على اهتمامه بالأولويات وأسلوب العمل، وبالتالي فهو ناجح نظرياً وإن لم يحقق النجاح العملي والمستهدفات، ورُغم تكرار فشل مدير هذه الدائرة الحكومية أو تلك الشركة في تحقيق الأهداف؛ فإن المدير يستمر في تحقيق النجاح الشخصي؛ لأنه يجيد الاقتران مع أولويات مديره أو القائم على التقييم، وربما يضرب عرض الحائط بأولويات التنفيذ أو بمتطلبات نجاح المشروع. في المقابل يعاني مديرون آخرون سلبياً من سياسة الفصل بين نجاح المشروعات التي يقومون عليها، وبين تقييم إداراتهم أو القائم على التقييم بالرغم من تحقيقهم نجاحات متوالية في عدة مشروعات، وغالباً ما يقف وراء ذلك أن اتجاه المدير لتغليب الأولويات التنفيذية على أولويات إدارته لتوفير قدر أكبر من المرونة لا تسمح به بيروقراطية صناعة القرار وهو ما لا يُقنع القائم بالتقييم بفاعلية عمله من الناحية الإستراتيجية. في المقابل يرى كثير من خبراء الإدارة أن نجاح المشروع يجب أن يبقى العامل الأهم في تقييم نجاح القائم على الإدارة بصرف النظر عن مهارات وقدرات المدير في إدارة أولوياته الإستراتيجية والتنفيذية، باعتبار أن النتيجة التي تحققت تُبرهن على قدرة الإدارة على تحقيق نسب توازن بين أولوياتها تحت ضغوط أصحاب القرار والعملاء وبقية المستفيدين من المشروع، وبصورة قد تفوق الخطة. مع هذا فهو مؤشر على وجود عيوب في جانب الاتصال المؤسسي وقدرته على تحقيق التوازن بين اتجاه القرارات العليا (كمخرجات للنظام) والقرارات التنفيذية (المعتمدة على مدخلات النظام)، وهو ما يتم التعامل معه بالخبرة الإدارية للتوفيق بين أولوليات صانع القرار ومتطلبات التنفيذ على الأرض، وتحقيق التنسيق المطلوب لضمان مستوى أعلى من الوصول لتوقعات كافة المستفيدين داخل وخارج المنظمة، وهو ما يُحمّل المدير مسؤولية كبيرة في المحافظة على التوازن بين الأولويات. وفي الوقت نفسه فإن الخبرة ليست بديلاً لسياسات الاتصال المؤسسي في مساندة المنظمة ككل في الحفاظ على توازن من هذا النوع، وهو ما يتطلب فهما أوسع لمفهوم الاتصال المؤسسي الحديث والذي لم يعد نشاطاً ثانوياً تقوم به العلاقات العامة بصورة منفردة لتحسين صورة المنظمة أو تقوية علاقاتها بالجمهور، وإنما نشاط مؤسسي شامل تشارك في صناعته كافة أقسام ومستويات المنظمة الإدارية لتحقيق توازن في الأولويات والعلاقات الداخلية والخارجية في مراحل العمل الإستراتيجية والتنفيذية. فإذا كانت الرؤى الإدارية لا توافق على فكرة فصل نجاح المدير عن نجاح إدارته خاصة مع تكرر فشله في مشروعات متعددة أو نجاحه في مشروعات متوالية، فإن كلتا الحالتين تشيران لأحد ثلاثة احتمالات: عدم الاتفاق الفعلي بين أطراف الإدارة على أهداف استراتيجية صحيحة ومقنعة، ضعف التواصل بين مستويات الإدارة وهو ما يُجبر المدير التنفيذي على إبقاء أولوياته ورهانه على التنفيذ أو كسب الثقة نظرياً. أما الخيار الثالث فهو أنه لا يتوفر للمدير التنفيذي سياسات واضحة في مجال الاتصال المؤسسي قادرة على قياس حركة علاقات وأنشطة إدارته بصورة موضوعية، وما تعبّر عنه من أولويات طوال مراحل المشروع، وصولاً لتعديل قراراته أو إعادة النظر في الخطة الإستراتيجية أو على أقل تقدير تقييم نجاح الإدارة.