طرح أرامكو للاكتتاب بداية لمرحلة جديدة عنوانها الأساسي الشفافية في عرض وتقديم المعلومات، وتعميق مفهوم الحوكمة في إدارة الشركة الأغنى في العالم أجمع. فبالإضافة لما ستوفره من فائض نقدي يمكن إعادة استثماره وتوجيهه بما يحقق عوائد وبما يؤسس لبداية مرحلة اقتصادية وفق رؤية 2030، يأتي طرح أرامكو كنقطة تحول في إدارة الشركات العملاقة التي اتسمت بنوع من التحفظ في عرض مخاطرها والصعوبات التي قد تواجهها وكذلك في عرض أرقامها أمام المستثمرين بصفة عامة. ليس لدينا ما نخفيه، ولا نخشى من عرض المعلومات أمام الملأ لتتم دراستها وتحليلها ومناقشتها ومن ثم إيجاد أنجح السبل لتجاوز المخاطر القائمة، ولتعظيم العوائد من الفرص المتاحة. الحوكمة كنهج رشيد للإدارة والشفافية في عرض المعلومات مهم جدا ولا يأتي إلا بخير على المدى القصير والمتوسط والطويل. ما ذكره المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة من إن طرح شركة أرامكو السعودية للاكتتاب العام سيكون في مطلع العام 2018 يعني أن هناك الكثير للقيام به، ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة. وما تناولته وسائل الإعلام عن قرب التوصل لمستشار أولي للطرح يؤكد على أننا قطعنا شوطا مهما في ما نسعى له. ومستشار الطرح الأولي يعتبر جهة محايدة للمستثمرين على صحة إجراءات الطرح بما فيها دقة عرض المعلومات، فهو من سيؤكد سلامتها، وهو من سيؤكد جدية الإجراءات المستقبلية وسلامة الهيكلة وصلابة الحوكمة. مستشار الطرح الأولي سيكون اسما معروفا في الأوساط الدولية، وله تجارب ناجحة في هذا المجال، ويجب أن يكون من الحرفية والنزاهة والحيادية ما يدفع المستثمرين الدوليين لأخذ رأيه وترجيحه وعليه سيعتمدون في قرارهم الاستثماري في ما إذا كانوا سيمضون قدما في الاستثمار أو عدمه. ويجب كذلك ان يكون مستشار الطرح معروفا لدى الأسواق الدولية التي نسعى للطرح بها، فلكل سوق أسسه وشروطه لقبول الطرح، والمستشار لا بد أن يكون على اطلاع تام وخبرة عميقة بها. كل هذه الأمور مع عوامل أخرى تجعل من اختيار مستشار الطرح أهمية بالغة، وعليه فلا بد أن يكون الاختيار صائبا بعد الدراسة المستفيضة والعميقة من الجهات ذات العلاقة بالطرح. بلادنا ماضية قدما في إعادة رسم خريطتها الاقتصادية، وبدأنا بالأكبر والأصعب، والباقي سيكون سهلا سلسا بعون الله. بدأنا في الرفع التدريجي للمعونات الحكومية للقطاعات الصناعية المختلفة، متيقنين أن هذا سيزيد من كفاءة التشغيل على المدى المتوسط والبعيد، كما فرضنا رسوما على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني لما فيه من فائدة مرجوة في تحريك وتنشيط الحركة العمرانية وكسر للاحتكار الذي يعاني منه ذوو الدخول المتوسطة وما دون ذلك. وخطونا خطوات كبيرة في خصخصة كثير من القطاعات العامة ونعمل ليل نهار لنجاح أكبر طرح أولى في تاريخ الأسواق المالية، فطرح شركة أرامكو سينجح ولن نقبل إلا بإبهار العالم وإثبات عزيمتنا على تحقيق رؤية 2030. بلادنا تمشي بخطى ثابتة نحو المستقبل، وليس للمشككين سوى العودة إلى جادة الصواب، أو دوامة الحيرة التي ستأكل ما تبقى من عقولهم.