منذ اللحظات الأولى لعاصفة الحزم كان واضحا للولايات المتحدةالامريكية أن الحرب ليست خيارا او قرارا سعوديا يسعى لتحقيق مصالح او مطامع ذاتية في اليمن، فالمملكة دخلت الحرب مُجبرة ومستجيبة لنداء الرئيس اليمني والذي كان مُطاردا قبل ان يتمكن من مغادرة الأراضي اليمنية مُضطرا لا مختارا، وكتقييم موضوعي وعام يمكن القول ان الموقف الامريكي الرسمي من عاصفة الحزم وما بعدها كان (جيد جدا) فالولاياتالمتحدة قدمت الكثير من الدعم اللوجستي والمعلوماتي، كما ضمنت استمرار بيع الاسلحة الضرورية اللازمة لاستمرار الحملة الجوية لقوات التحالف. وباستثناء انه وزير خارجية الولاياتالمتحدةالأمريكية فيمكن القول انه لا يوجد جديد وخارق في المبادرة التى قدمها الوزير (كيري) لتسريع حل الأزمة اليمنية، فالمبادرة تحوى بنودا قديمة منها تشكيل حكومة وحدة وطنية يُشارك فيها الحوثيون مقابل نزع سلاحهم كميليشيا، وانسحابهم من صنعاء وتسليم الأسلحة الثقيلة والصواريخ إلى طرف ثالث (لم يُحدد) ولا يستبعد أن يكون للكويت وسلطنة عمان دور وربما بمشاركة قوات أممية أو يمنية (كاقتراح تشكيل لجنة من مشرفين أممين وشخصيات وقيادات يمنية لم تتدخل بالحرب مع أي طرف بصورة مباشرة، لتتولى هي ملف الانسحابات واستلام الأسلحة الثقيلة على وجه التحديد). وبإشراف دولي، كما تتضمن المبادرة الامتناع عن تهديد أمن وسيادة الدول المجاورة لليمن مع ضمان سلامة الملاحة الدولية، ولعل ما يمكن تسميته جديدا في (خطة/ مبادرة) كيري هو السعى لإزالة أبرز عائق نفسي وعملي أمام المفاوضات وهو تزامن المسارين العسكري والسياسي والعكس. الحكومة الشرعية كانت تطالب في البدء بتنفيذ مقتضيات قرار مجلس الأمن 2216 ومنها نزع السلاح وانسحاب الحوثيين قبل الشروع في الجانب السياسي، أما الحوثيون ومؤتمر صالح فقد كانوا يطالبون بالاحتفاظ باسلحتهم وبقائهم في صنعاء والوصول لاتفاق سياسي يؤدي إلى سلطة توافقية تتولى الإجراءات المختلفة (فيما يتعلق بالوضع الأمني والعسكري). ومن الواضح أن مبادرة كيري تسعى للضغط على الحكومة الشرعية للتنازل عن موقفها الصارم والذي تمسكت به في مشاورات الكويت، والذي يتمثل في عدم الدخول في أية نقاشات سياسية حول تشكيل «حكومة»، قبل انسحاب الميليشيات من العاصمة وتسليمها مؤسسات الدولة والأسلحة الثقيلة. الموقف السعودي الرسمي والمعلن هو دعم المبادرة الامريكية فالرياض تسعى للسلام وسرعة تحققه مكسب، لكنه ومن الطبيعي انه سيفرض ان تقدم بعض التنازلات بما يخص عودة الشرعية، إذ تقضي المبادرة تشكيل حكومة توافقية تشارك فيها مختلف الأطراف بما في ذلك الحوثيون وحلفاؤهم. صحيح أن السعوديين المحافظين لا يخفون اعتراضهم على مبادرة كيري لانها تعكس اقترابا نسبيا من رؤية الحوثيين وحلفائهم. لكن المفيد بموجب المبادرة، أن الحوثيين سيضطرون إلى التراجع عن مختلف الخطوات والترتيبات أحادية الجانب التي اتخذوها أخيرا ومنها تشكيل المجلس السياسي، وبالنسبة لدول التحالف فأمامها ثلاثة خيارات في اليمن، إما الاستمرار في الحرب ومحاولةٍ الوصول إلى صنعاء، وهذا سيتطلب وقتا وجهدا قد يستغرق الكثير، وإما منح الحد الأدني والمقبول من مشاركة الحوثيين وعلي عبدالله صالح وخاصة في شمال اليمن، وإما الاستمرار في الوضع الحالي وهو مزعج للرياض سياسيا وعسكريا. هناك مصلحة سعودية عليا بإنهاء الحرب، فالمملكة تنتظرها الكثير من الاستحقاقات الداخلية وخاصة الاقتصادية، وكذلك ملفات اقليمية ذات أولوية كالملف السوري والتفرغ لمواجهة النشاطات الإيرانية والتى لم ولن تهدأ يوما واحدا، كما أن الملفين العراقي واللبناني يتطلبان جهدا دبلوماسيا خاصا للتعامل مع مستجداتهما وتعقيداتهما.