تركيز استثمارات القطاع العام في صندوق الاستثمارات العامة بحيث يصبح الصندوق إداريا لأنشطتها ربما يكون مؤثرا إيجابيا لحد كبير في تطوير تلك الاستثمارات وتمتعها باحترافية وبناء هياكلها بصورة تجعلها أكثر قدرة على النمو، وفي الأخبار أن صندوق الاستثمارات العامة يجري حاليا الترتيبات النهائية للاستحواذ على 75% من الشركات الحكومية التابعة للأمانات في مناطق ومدن المملكة، وهنا نصل لقناعة بأن هذه الخطوة يفترض أن تمثل التطور الأكثر حضورا في الذهاب بعيدا بقيمة استثمارات تلك الشركات وإبعادها من التقليدية والبيروقراطية. من بين تلك الشركات شركة البلد الأمين التابعة لأمانة العاصمة المقدسة، وشركة جدة للتنمية والتطوير العمراني التابعة لأمانة جدة، وشركة المقر للتطوير العقاري التابعة لأمانة المدينةالمنورة، ونأمل أن تضاف إليها مزيد من الشركات لأن صندوق الاستثمارات بمثابة حاضنة هيكلية وتنفيذية تراقب الأداء والنتائج وتعمل على بقاء تلك الشركات في مسارات النمو والتطور، وفي ظل وجود شركات توفرت لها رساميل مناسبة ولم تنجح في النمو، فإن وضع هذه الشركات تحت جناح المؤسسة يمنحها وقاية من الجمود، ويكثف الرقابة على أنشطتها وخطها البياني الذي يفترض أن يواصل العمل صاعدا بما يواكب الطموح لنمو وتنمية مستدامة نتطلع إليها. العمل الاستثماري يحتاج حرفية ونزاهة وشفافية لكي يستمر، ومتى تعرض لأي ضغوط من البيروقراطية والإهمال الإداري فإنه لن يبلغ غاياته أو يصل أهدافه التي تخدم الاقتصاد الوطني، ومن المهم في ظل هذه المرحلة التي نتسع فيها استثماريا أن نبتكر الوسائل والأدوات والأنظمة التي تسهم في سلاسة النمو ومنع وكبح التعثر، سواء في المشاريع أو الشركات في جميع القطاعات، لأن القاعدة الاقتصادية ينبغي أن تظل متينة وقادرة على حمل أكبر كمية من الشركات والمؤسسات والمشروعات التي تنطلق بالتنمية عاليا وفق الأهداف النهائية للخطط الاستراتيجية لنمو ونهضة اقتصادنا الوطني. من المهم أن تتسع مظلة صندوق الاستثمارات العامة ليكون الحاضنة الأكثر فعالية في استيعاب كل منشأة أو شركة تتبع للقطاع العام، حتى نضمن أن تستمر في المسار الإداري السليم الذي يقودها في نهاية المطاف إلى تحقيق أهدافها دون مخاطر فعلية من تعثر أو انهيارات في بنيتها الإدارية والهيكلية، فالاستثمار يجب أن يكون واقعيا ويتمتع بأعلى معايير الشفافية والوضوح وإلا تعرض لانهيارات إذا نقصت الكفاءة والحرفية في إدارته، لأن التحديات التي يمكن مواجهتها في الأسواق تتطلب قدرة على قراءة اتجاهاتها ومعرفة متغيراتها، وذلك لا يقوم به إلا خبراء في الاستثمار ولديهم القدرات في التعامل معها بفطنة تجنبها الخسائر وتقللها إلى الحدود الدنيا.