بدأت تقارير الشركات الربعية بالظهور، وأصبح من خلالها واضحا أن أمازون دوت كوم وشركة ألفابيت، الشركة الأم لجوجل، بدأتا الابتعاد عن نظرائهما من الشركات الأمريكية في مجال الإنفاق على البحث والتطوير. لكن لا يوجد سوى شيء مختلف نوعا ما، في أرقام أمازون الهائلة. ليس مطلوبا من الشركات أن تبلغ عن مقدار نفقاتها على البحث والتطوير، وهذا بالضبط ما لم تفعله أمازون. إذ بدلا من ذلك خصصت معلومة صغيرة مكونة من سطر واحد في كشف بياناتها حول نفقاتها على التكنولوجيا ومحتوى المعلومات. هذا هو الحال الذي اتبعته هذه الشركة وما زالت، منذ أن أصدرت تقريرها السنوي الأول في عام 1999 وقبل ذلك كان يسمى تطوير المنتجات، وفي عام 2010 قدم الرئيس التنفيذي للشركة، جيف بيزوس، شيئا لتفسير ذلك. ربما لا تصبح كل جهودنا المبذولة في مجال التكنولوجيا ذات شأن إذا استبعدنا التكنولوجيا هامشيا ووضعناها بشكل معين ضمن دائرة البحث والتطوير، ولكننا عادة لا نتبع تلك الطريقة. التكنولوجيا تصب في كل شأن من شؤون عملنا وفي كل عملياتنا وكل القرارات التي نتخذها، وكل طرقنا في الابتكار في كل أعمالنا. إنها متغلغة بعمق في كل شيء نعمله. أنا أعتقد أن ذلك أكثر من مجرد عملية لغوية. ومع ذلك أنا أتساءل أيضا: عما إذا بدأت هذه الشركة بتشويه أرقامها الخاصة بالبحث والتطوير، إذا علمنا أن أمازون تنفق مبالغ هائلة (إذ أنفقت حسب أحد التقديرات في العام الماضي، مبلغ 3 مليارات دولار) على محتوى ما تبثه من موسيقى وأفلام الفيديو من خلال خدمات برايم للبث المباشر. ومع ذلك تبين لاحقا أن المحتوى في التكنولوجيا ومحتوى المعلومات لم يكن يعني في الواقع المحتوى. هذا ما يقوله بشكل صريح في الفقرة التالية من تقرير أمازون السنوي لعام 2015. تتألف تكاليف المحتوى بشكل أساسي من رواتب الموظفين وما يتعلق بها من نفقات على موظفين المنخرطين في التوسع في الفئات، والمحتوى التحريري، والشراء، وخيارات تسويق المنتجات. أما كلفة محتوى الوسائط الرقمية المتعلق اجمالي الإيرادات المسجل، ومن ضمنه فيديو البرايم، فقد كان من ضمن تكلفة المبيعات. لذلك تصبح نفقات المحتوى بالتأكيد أقل بكثير من المبلغ الذي زاد على 3 مليارات دولار الذي أنفق بالفعل على المحتوي الحقيقي، رغم أنه يبدو من الغريب بالتأكيد أنه، على سبيل المثال، أن يتم احتساب راتب روي برايس، مدير الاستديوهات في أمازون، على أنه أحد بنود البحث والتطوير. وعلى الرغم من قول أمازون في تقريرها السنوي: إن نفقاتها على التكنولوجيا تتكون أساسا من الأنشطة المبذولة على البحث والتطوير، فذلك يعني في المقابل أنه ليس كل ذلك يذهب إلى البحث والتطوير. ولذلك لا تنفق أمازون بالفعل مبلغ 14.2 مليار دولار في السنة على البحث والتطوير، ولكننا لا نعرف المبلغ الذي تنفقه بالفعل وهو بالطبع أقل من ذلك بكثير. هناك عدة شركات مدرجة في البورصة تنفق مبالغ كبيرة على البحث والتطوير. لكن علينا أن نتنبه هنا إلى أهمية عبارة شركات مدرجة في البورصة، لأن شركة مثل هواوي، عملاق أجهزة الاتصالات الذي يمتلكها الموظفون في الشركة، أعلنت في العام الماضي عن انفاقها مبلغ 9.2 مليار دولار على البحث والتطوير، وهو الذي يجعلها تسبق شركة تويوتا على هذه القائمة. وإذا كان القراء يعرفون أي شركة أخرى مملوكة للقطاع الخاص وتكون ضمن هذا النطاق، فأرجو أن يعلموني بذلك. بالمعدل الذي تنفقه كل من أمازون وجوجل - والتي لم تكن أي منهما من أكبر عشر شركات حتى قبل 4 سنوات - فإنهما سوف تتفوقان قريبا على فولكس واجن لتصبحا أكبر شركتين في العالم من حيث الإنفاق على البحث والتطوير. وإذا استبعدنا الاستثناءات الخاصة بالطريقة التي تقوم فيها أمازون فعلا بالإنفاق على البحث والتطوير، فإن هذا يعتبر تطورا قويا لافتا للنظر.