في مجتمعنا المحافظ، كل ما هو معيب أو مرفوض مجتمعيا يدخل في نطاق «دعنا لا نتحدث عن الموضوع»، أو حتى لا نفكر فيه من كل النواحي. نكتفي بالحكم الصادر سلفا من المجتمع فكل ما كسر العادة كان عيبا. كم هو جميل الحفاظ على العادات، لكن إلى أي امتداد؟ ثار الجدل منذ فترة واحتدم ما بين مؤيد ومعارض عند انتشار ما يشبه الخبر حول تخصيص غرف للمدخنات في مطار الملك خالد. ففي حين أكد المؤيدون أهمية وجود غرفة كهذه في المطارات، يشدد المعارضون على رفض فكرة التدخين النسائي أو وجود مدخنات نساء من الأساس. ويعتقد المعارضون أن في غرف التدخين النسائية دعوة إلى التدخين أو ما يسمى ب «المجاهرة بالتدخين». لعلنا كمجتمع طورنا اعتقادا مغلوطا بأن الدفن العميق للمشكلة يقضي عليها، لكن إنكار واستنكار المدخنات لا ينفي وجودهن. فعلى الرغم من مضار التدخين على وجه العموم، وتحفظ المجتمع على تدخين النساء بشكل خاص، فإنه يوجد لدنيا نسبة من المدخنات ما بين مواطنات ومقيمات وزائرات، وهذا ليس بالأمر المستجد على المجتمع. ففي مطلع الثمانينيات أنتجت مؤسسة إعلامية تابعة لمجلس التعاون الخليجي برنامج «سلامتك»، الذي كان يبث على قنواتنا الخليجية. وغطى برنامج «سلامتك» نقاطا توعوية صحية كثيرة، إحداها كانت تدخين النساء، وبالأخص المرأة الحامل. هذا لا يعني أن البرنامج كان يحث أو يشجع على التدخين، لكن إذا أدركنا وجود مشكلة لا نستطيع حلها بشكل نهائي فالأجدر إيجاد الحلول البديلة أو الحلول المساعدة؛ وفي هذه الحالة كانت التوعية أفضل الحلول. حين نتحدث عن المطار بشكل خاص، وإن كان مطارا داخل إحدى مدننا، فإننا نتحدث عن محطة عالمية، تستقبل وتودع بشرا من كل مختلف العالم. لا بد أن يمر على هذه المحطة عدد من المدخنات اللاتي بالتأكيد في حاجة إلى مكان مخصص ومهيأ للتدخين داخل المطار. وبالتالي ما الحل؟ كيف ستكون ردة الفعل لو دخلت إحدى السيدات إلى قاعة التدخين حاليا في المطار؟ أم أننا نريد للنساء التدخين في دورات المياة أو أحد مرافق المطار؟ هل يحركنا الوعي قبل أن تحركنا العادات؟