نعرف بوجود صناعة للأفلام السينمائية. في هوليوود المثال الأبرز، حيث شركات الإنتاج السينمائي تتنافس بشراسة بإنتاجات ضخمة، والحقيقة أن هذا التنافس أنتج صناعة «نجوم السينما»، فالسينما لم تعرف النجوم في مرحلتها التجارية الأولى، لكن بحسب ادغار موران في كتابه «نجوم السينما»، الصادر عن المنظمة العربية للترجمة، بترجمة إبراهيم العريس، وُلِدَ النجوم عام 1910م، مع تزايد دخول رأس المال في قلب صناعة الأفلام. أفرز هذا التطور نظام النجوم، وهو نتاج الصناعة الرأسمالية، فقد صار النجوم أساساً في نجاح الأفلام الكبرى، وصار تصنيعهم خاضعاً لنظام صنعه رأس المال، يحدد معايير النجم ومواصفاته، ويغير شكله، ليقدمه للجمهور. يتحول النجم إلى سلعة، مثل أي سلعة في السوق، ويتبع تغيرات العرض والطلب داخل السوق السينمائي، وهو في ظهوره العام وحياته الخاصة مادة للدعاية والاستفادة المادية. النجم بحد ذاته سلعة، وهو يروج لسلعٍ أخرى: العطور والملابس وغيرها، وهذا النجم/السلعة يلقى الرواج في الصحافة والتلفزيون، وبالطبع في السينما، وتلاحقه عدسات الكاميرا أينما حل. أسلوب عيشه سلعة بحد ذاته، وحياته الخاصة موضوع للنقاش الإعلامي والجماهيري، وكل هذا جزء من صناعة النجوم الرأسمالية، التي تُقدَّم لمستهلكين، هم جمهور السينما الذين يصبحون معجبين بهذا النجم أو ذاك. من هنا، ينطلق الاستهلاك لسلعة النجوم، ليصبح محاكاةً وتقليداً للنجوم في أمورٍ عديدة، من ملابسهم وتسريحات شعورهم وأدوات التجميل التي يستخدمونها أو يروجون لها في الدعايات، إلى كلماتهم ونظراتهم وسلوكهم وتعبيراتهم في الأفلام أو في الحياة العامة. النجم هو نموذج يوجّه الموضة، وهو يدل عامة الناس على الطريقة التي تحاكي فيها النموذج، وتتشبه بالنخبة، وبالذات بالنسبة لجمهور الشباب والمراهقين من الجنسين، إذ يغدو النجم مثالاً لما يحلمون به أو يتخيلونه، ويؤكدون ذواتهم ويصنعون شخصياتهم على طريقة هذا النجم أو ذاك، ويحددون خياراتهم الاستهلاكية في البضائع والمنتجات المختلفة في إطار توجيهه. كل هذا يُترجم بشكل عملي كما نرى حولنا: يلبس النجم ملابس معينة، أو يقص شعره بطريقة ما، فتنتشر الملابس أو قصة الشعر في أماكن عديدة حول العالم، وتصبح موضة. تقوم النجمة باستخدام أدوات تجميل محددة، فتهرع الفتيات لتقليدها، بل تقول بعض دعايات منتجات التجميل لتلك الفتيات إن بإمكانهن أن يصبحن مثل نجمات هوليوود إذا استخدمن هذه المنتجات. من الملفت أن ندقق في كيفية استثمار النجوم رأسمالياً، والأثر الذي يحدثونه حولنا، حيث تبتلع الثقافة الاستهلاكية الجمهور حول العالم، وتُسلِّع الشركات الرأسمالية الكبرى كل شيء، حتى البشر، في سبيل مضاعفة أرباحها، وكسب مستهلكين جدد لمنتجاتها.