الخطاب المتصدع بنيويا، ومعنويا الذي ألقاه المخلوع علي صالح مؤخراً، وما تضمنه من مغالطات وقلب للحقائق على مستوى الداخل اليمني وعلى مستوى الاقليم الجغرافي سياسيا وأمنيا واقتصاديا، وعلى مستوى الفعل السياسي الدولي، يجعل المراقب لا يستغرب مثل هذه التخرصات التي طالت التاريخ والإنسان والجغرافيا في منطقتنا العربية.. أمر غير مستغرب إذا تفحصنا جزءا من طبيعة العقل السياسي في العالم الثالث الذي يعتقد أنه إذا ساقته الاقدار للقيام بدور سياسي ما في بلاده فإن ذلك الدور يبقى إرثا شخصيا مدى الحياة. هذا هو التفكير العاجز الذي غلف الخطاب، وأخطر منه محاولة القفز على حقائق التاريخ والجغرافيا والاقتصاد والأخوة بين شعوب المنطقة ودولها القادرة ومنها المملكة وشقيقاتها دول الخليج التي كانت تخصص وبشكل ثابت جزءا من مداخيلها الاقتصادية لخدمة وتنمية المجتمعات الشقيقة ومنها الشعب اليمني الشقيق. اللافت في الفترة الاخيرة أن مثل هذه المغالطات لا يقتصر تبنيها على قيادات منهارة لم تعد تملك أيا من أوراق التحرك السياسي الداخلي والخارجي مثل المخلوع صالح ومن معه، بل تعداه الامر إلى ما يسمى منظمات حقوق الانسان على اختلاف تسمياتها وتعدد أدوارها وتباين المغالطات التي ترتكبها اثناء عملها الذي يوصف بأنه انساني. هذا الصراخ السياسي الذي يلبس مسوح القوانين والأنظمة الانسانية والمدافعة عنها يجهل كثيرا من حقائق الواقع، ومن معطيات العمل الانساني الحقيقي، ولعل رصدا سريعا لبعض الحقائق يجعلنا امام حقائق صادمة من عدم دقة تقارير هذه المنظمات، والادهى من ذلك انها تؤثر سلبا على اعمال غير مسبوقة في الاغاثة والتنمية للإنسان في الدول الفقيرة والاماكن التي تشهد حالات صراع حسب توجيه اجهزة ومنظمات العمل الانساني التابعة للامم المتحدة. التناقض في عمل هذه المنظمات يجعلها تقف مواقف انتقائية لا تخطئها العين حيث تتجاهل حالات انتهاك صارخة لحقوق الانسان وللقانون الدولي الانساني في مناطق مثل الاراضي الفلسطينية المحتلة، وفي سوريا، والعراق، وميانمار!! أكثر من ذلك لم يسمع المراقب المحايد والمنصف أي تقارير تدين الوحشية التي يتعامل بها النظام الايراني مع المواطنين الايرانيين في الداخل، كما لم تشر هذه المنظمات إلى الارهاب الايراني الذي يوزع السلاح والمال للتنظيمات الموصوفة من قبل المجتمع الدولي بالإرهابية والتي تفاخر بقتل الابرياء والأطفال في لبنانوسوريا!! النقطة التي لا يمكن تجاوزها في عمل المنظمات التي تختبئ وراء حقوق الانسان والدفاع عنها بمزاجية وانتقائية هي الاغفال المتعمد للثوابت الثقافية للأمم والمجتمعات الانسانية في كرتنا الارضية، والتي يتفرع منها بالضرورة الخصوصيات الثقافية للشخصية المسلمة وللمجتمعات الاسلامية. ونجد هذه المنظمات تفرض معايير احادية بناء عليها يتحدد مدى الالتزام بالقانون الدولي الانساني، وهذه مغالطة عملية، في المقام الاول، وهي في ذات الوقت مخالفة صريحة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولإعلان منظمة التربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» 2011م. فيما يتعلق بالوضع في اليمن وقبل الخطاب المرتبك والذي تجاوزه الزمن والفعل السياسي والعسكري في المنطقة تظل هناك ثوابت في العمل الذي تقوده المملكة العربية السعودية لدول التحالف والذي يقوم على اسس رسمت شخصية المملكة العربية السعودية الدولية في الذهنية العالمية وفي الممارسة العملية في كل تعاطيها مع الملفات الدولية، من ابرز هذه الثوابت، أنها دولة تحترم وجودها في المجتمع الدولي من خلال السعي لتعزيز أهم هدفين للمجتمع الدولي وهما احلال السلم، والأمن الدوليين، وهذا كان مفتاح العلاقة القوي للتحرك تجاه تلافي الاخطاء القاتلة التي ارتكبها الانقلابيون هناك، المملكة حريصة بعلم وشهادة المجتمع الدولي على محاربة الإرهاب منذ عقود، ولعل ابرز مظاهر محاربة هذا الوباء في السنوات الأخيرة الوقوف بحزم للتدخلات الايرانية السافرة في الشأن العربي العام. والسعي لقطع قنوات دعم ايران للقوى الارهابية التي غرستها في الجسد العربي، في اليمن وسوريا، وفي لبنان وقبل ذلك في العراق. ما تقوم به المملكة العربية السعودية يتم في وضح النهار، ولا تمارس اعمالا من خلف أحد، لا منظمات حقوق انسان ولا دول ولا منظمات وهيئات دولية، وعلاوة على القناعة الحتمية بمساعدة الاشقاء اليمنيين في استعادة الشرعية، تسلحت المملكة ودول التحالف بالمطلب القانون الشرعي الدولي حيث يتسق التحرك السعودي العربي في استعادة شرعية اليمنيين وسلطتهم ودولتهم المختطفة مع المادة «51» من ميثاق الاممالمتحدة، وبتعزيز هذا الموقف العربي بقرار من مجلس الأمن يحلو للبعض تناسيه أو القفز عليه وهو القرار الذي سيظل الاشهر في بناء الدولة اليمنية الحديثة 2216 في العام 2015م. المملكة كدولة شقيقة حازت هذا اللقب في نفوس اليمنيين الذي يتطلعون لغد أفضل حيث تدعمهم هي وشقيقاتها العربية في تحقيق مستقبل اطفالهم عبر الحلول السلمية، وعبر مساعدة اليمنيين في الداخل في هذه الظروف الصعبة، عبر جسر الاغاثة المستمر منذ بداية الازمة وأعني به مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الانسانية. وقبل ذلك وهذا امر لا ينساه الاشقاء في اليمن هناك الصندوق السعودي للتنمية الذي كان رفيقا مخلصا للإنسان اليمني وعونا له في تعليمه وطبابته وأمنه الاقتصادي.