في استوكهولم يوم الإثنين أعلنت شركة إريكسون، الشركة السويدية العريقة، التي كانت منذ فترة طويلة الشركة الرائدة في مجال تصنيع البنى الأساسية، التي تقوم عليها شبكات اتصالات الهواتف المحمولة في العالم، أنها فصلت رئيسها التنفيذي، هانس فيستبيرج. وفي تطور متصل بالموضوع، أفادت الشركة الأسبوع الماضي بأن إيراداتها للنصف الأول انخفضت بنسبة 11 بالمائة عن الفترة ذاتها قبل عام، لتصل إلى 12.3 مليار دولار. وفي يوم الإثنين أعلنت هواوي، الشركة المنافسة لإريكسون، في شنتشن في الصين أن إيراداتها للنصف الأول ارتفعت بنسبة 40 بالمائة، لتصل إلى 36.8 مليار دولار. كما أن الشركتين ليستا قابلتين للمقارنة تماما -لسبب واحد-، أن 31 بالمائة من إيرادات شركة هواوي جاءت من بيعها الهواتف الذكية وغيرها من الأجهزة الاستهلاكية، في حين أن شركة إريكسون خرجت من قطاع أعمال الهواتف قبل سنوات. لكن نعم، كان هنالك شيء ما كبير آخذ في الحدوث. أنهت شركة نوكيا عملية استحواذها على ألكاتيل - لوسنت في يناير. لكنها هي وشركة هواوي تبيعان الكثير من معدات شبكات الخطوط الثابتة بالإضافة إلى الخطوط اللاسلكية. عندما يتعلق الأمر بالبنى التحتية اللاسلكية فقط، كانت إيركسون لا تزال في المرتبة الأولى مع حصة سوقية بلغت نسبتها 28 بالمائة في العام 2015، وفقا لبيانات «آي إتش إس»، مع بلوغ حصة كل من نوكيا وألكاتيل - لوسنت معا 26 بالمائة وهواوي بنسبة 23 بالمائة. لكن إيرادات نوكيا آخذة في الانخفاض حتى الآن من هذا العام، أيضا. ويبدو أنه من الحتمي أن هواوي ستتفوق قريبا على كلتا الشركتين في مجال البنى الأساسية اللاسلكية بالإضافة إلى المبيعات الإجمالية. كما تحتل هواوي أيضا المرتبة الثالثة بين الشركات المصنعة للهواتف الذكية، بعد سامسونج وأبل. وهي أيضا من بين الشركات الرائدة من حيث الحصة السوقية في مجال معدات الشبكات الضوئية، وأجهزة التوجيه «الراوتر» وغيرها من العناصر الأساسية الخاصة بالبنية الأساسية لشبكات الاتصالات في العالم. كما تظهر أيضا شركة «زي تي إي»، التي يوجد مقرها أيضا في شنتشن -المدينة الجديدة العملاقة التي نمت جنبا إلى جنب مع هونج كونج منذ أن بدأت الإصلاحات الاقتصادية في الصين في العام 1978- من ضمن الكثير من تلك المراتب من حيث الحصة السوقية بدرجة أو درجتين خلف هواوي. بدأت الريادة في قطاع تجارة الاتصالات المحمولة في الولاياتالمتحدة من قبل شركة «إيه تي أند تي» وموتورولا. ثم تحولت إلى بلدان الشمال الأوروبي في التسعينيات مع ارتفاع ملحوظ لدى كل من إريكسون ونوكيا. منذ إدخال جهاز آيفون في عام 2007، تم تشاركه من قبل شركات في 3 قارات، مع حصول أبل على الجزء الأكبر من الأرباح. ربما فقط هي الآن آخذة في التحول إلى جنوب شرق الصين. لكن أغلب ظني أن كثيرا من الذين يقرأون هذا المقال لم يسمعوا أبدا أو بالكاد سمعوا بشركة هواوي. لماذا؟ هنالك الكثير من الأسباب في الواقع: بدأت شركة هواوي فقط في صناعة الهواتف وغيرها من المنتجات الاستهلاكية مع وجود اسم الشركة عليها قبل 6 سنوات تقريبا. شركة هواوي مملوكة للموظفين، ولا يتم تداولها في أي بورصة. مؤسسها، رين زهينجفاي، يحاول الابتعاد عن الأضواء، وتتم إدارة الشركة يوميا من قبل طاقم نشط مكون من 3 رؤساء تنفيذيين يتبادلون أماكنهم كل 6 أشهر. تم منع شركات تشغيل الشبكات اللاسلكية الأمريكية الرئيسة بشكل فعلي من شراء معدات ربط الشبكات، التي تصنعها شركة هواوي من قبل أعضاء في الكونجرس قلقين بشأن التجسس الإلكتروني. بلغت أرباح شركة هواوي العام الماضي 5.7 مليار دولار «حيث تنتج الشركة بيانات مالية سنوية مدقَّقة على الرغم من أنها غير مدرجة في البورصة»، في الوقت الذي لا تزال فيه الكثير من منتجات الشركات الأخرى غير إريكسون أو هواوي، ليست قابلة للمقارنة مع أمثال شركة أبل أو سامسونج أو كوالكوم أو سيسكو. رغم ذلك، ليس بالضرورة أن تكون تلك الأرباح المنخفضة نسبيا دلالة على الضعف. مثل آمازون، كانت هواوي تستخدم هوامش الربح المنخفضة لديها كمصدر للميزة التنافسية. قبل عقد، اقتحمت سوق البنى الأساسية اللاسلكية الأوروبية عن طريق تقديم أسعار تنافسية أدنى من عروض المنافسين وتقديم معدات للشركات الناقلة من شأنها أن تعمل مع أنواع متعددة من الشبكات «الجيل الثاني، والجيل الثالث، إلخ»، وبالتالي تجنيبها التحديثات المتكررة. الآن، تتخلى عن الأرباح من أجل تقديم مبالغ ضخمة لقطاع البحث والتطوير، حيث إن إنفاقها في مجال البحوث والتنمية بقيمة 9.2 مليار دولار في العام 2015 جعلها تنضم لقافلة قادة العالم في هذا المجال. قمت بزيارة مقر شركة هواوي في شنتشن في وقت سابق من هذا الشهر. فهي تقع بالقرب من مجمع التصنيع فوكس كون سيئ السمعة، حيث يجري تصنيع أجهزة الآيباد والماكنتوش لشركة أبل. لكنها خلافا لذلك تعتبر عالما بحد ذاته. تقوم هواوي بإعطاء جميع عمليات التصنيع لديها تقريبا من خلال مقاولات مع شركات مثل فوكس كون وفليكس. وحوالي 45 بالمائة من موظفيها البالغ عددهم 176 ألف موظف هم مهندسون. وأولئك الموجودون في شنتشن يعملون في حرم مترامي الأطراف ومحاط بالأشجار ربما كان يذكرني بوادي السيليكون لولا حر الصيف والرطوبة، التي تمنع الناس من الخروج من البيت.